تميزت انتخابات السلطات المحلية في القرى والمدن العربية، كما هو الحال في جميع المعارك والمنافسات الانتخابية السابقة، بارتفاع نسبة التصويت التي وصلت الى نحو 80 بالمئة ، وفي عدد من القرى والبلدات تجارزت 90 بالمئة.
وكذلك تميزت هذه الانتخابات بكثرة المتنافسين والمرشحين للرئاسة ولقوائم العضوية، كما هو الحال في كفر قرع وام الفحم، وبرزت العائلية والحمائلية والعشائرية بقوة، ولوحظ ضعف وحضور الاحزاب، رغم نجاح الجبهة الديمقراطية في عدد من القرى والمدن العربية : كفر ياسيف ( شادي شويري )، سخنين ( د. صفوت خلايلة )، عيلبون ( سمير أبو زيد )، عرابة البطوف ( عمر نصار ).
ولعل المعركة الانتخابية الاكثر احتدامًا كانت في مدينة الناصرة، حيث تمكن علي سلام رئيس البلدية الحالي، المدعوم من الحركة الاسلامية، من الفوز بدورة أخرى بعد أن فار على منافسه رجل الاعمال وليد العفيفي، المرشح التوافقي المدعوم من الجبهة الديمقراطية، وقد تغلب عليه بنحو ١٣ الف صوت ، وتمكنت قانمته العضوية من الفوز باكثرية مقاعد المجلس البلدي، وتراجع الجبهة من ٦ مقاعد الى ٤ مقاعد.
وفي مدينة أم الفحم لم يتمكن رئيس البلدية الحالي الشيخ خالد حمدان من حسم المنافسة الانتخابية لصالحه من الجولة الأولى، وستكون جولة ثانية بينه وبين د. سمير محاميد الذي يخوض الانتخابات للمرة الأولىى، والمدعوم من الحركة الاسلامية.
اما في شفاعمرو فقد نجح عرسان ياسين، وهو رئيس سابق، بالعودة الى رئاسة البلدية بعد أن هزم رئيس البلدية امين عنبتاوي.
وفي يافة الناصرة خسرت الجبهة ومرشحها عمران كنانة رئاسة مجلس يافة الناصرة المحلي، وكان الفوز والنجاح لصالح مرشح التجمع ماهر خليلية.
وفي كفر قرع التي شهدت تناغسًا شديدًا، وكان عدد المرشحين فيها كبيرًا، فقد انحصرت المنافسة بين الرئيس الحالي المحامي حسن عثامنة والمحامي أسامة بدحي، وستكون جولة انتخابية بينهما بعد اسبوعين.
وفي عارة وعرعرة ستكون جولة ثانية بين الرئيس الحالي مضر يونس وعوني مرزوق.
أما في بلدة اكسال فقد خسرت الجبهة في المنافسة الانتخابية، ولم يتمكن رئيس المجلس الحالي عبد السلام شلبي من حسم الانتخابات لصالحه، حيث فاز محمد رافع شلبي.
وفي كفر كنا فشل النائب السابق واصل طه، مرشح تحالف التجمع والجبهة من الوصول للجولة الثانية، التي ستكون بين المرشح د. يوسف عواودة، والمرشح عز الدين امارة .
بينما في جلجولية فقد تمكن درويش رابي الجبهوي من حسم المنافسة لصالحه بعد أن خاض الانتخابات بقائمة مستقلة.
وفي الطيرة بقي مأمون عبد الحي رئيسًا لدورة ثالثة.
اما في مجد الكروم فقد فاز الرئيس الحالي سليم صليبي المحسوب على أبناء البلد على منافسه د. محمد خطيب المدعوم من التجمع والجبهة.
اذًا يمكن القول أن المشهد الانتخابي في الوسط العربي يتكرر كما في كل مرة، اعتراك عائلي، وصفقات انتخابية في الغرف المغلقة، ومساومات، وتحالفات غير حقيقية، ووعود دون رصيد على ورق جف حبرها وعفا عليها الزمن، وغياب كامل للبرامج والمشاريع الوطنية، عدا الرشاوى والمال السياسي الذي تم توظيفه بشكل واسع لكسب المنافسات الانتخابية، ناهيك عن تعمق النهج العائلي الحمائلي العشائري، وازدياد قوة العائلية المتجذرة في غالبية البللدان، وتراجع كبير للاحزاب السياسية والحركات الوطنية وذوبانها في قوائم عائلية ومستقلة.
ومن الملاحظ انجرار ما تسمى النخب المثققة الاكاديمية وراء النهج العائلي وعدم محاولتهم الاصلاح والتوعية، وهذا السلوك يشكل خسارة لانفسهم أولًا ولمجتنعهم ثانيًا الذي ينتظر الخزوج من هذه الأزمة.
وعلى ما يبدو أن العصبية القبلية، التي تعكس الصورة الجاهلية، في تعمق وتجذر رغم العواقب الوخيمة المترتبة، وانعكاساتها وتأثيرها على مستقبل شعبنا وتطور مجتمعنا.