مؤشرات الصحة النفسية: الابتسام وعدم اختلاق النكد الزوجي
إذا كانت الابتسامة الصافية صدقة وبشاشة الوجه الصبوح معروفا عملا بقول رسول الله (عليه الصلاة والسلام) “تبسمك في وجه أخيك صدقه” وقوله (صلي الله عليه وسلم) “لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقي أخاك بوجه طلق” حيث أن الابتسامة وبشاشة الوجه مفتاح القلوب لأنها تجسد مشاعر الاحترام والذوق والأدب للأخرين كما أنها تعكس الحالة النفسية المستقرة للمبتسم أما التجهم والعبوس فهو يترك انطباعا سيئا يوحي بالنفور من الآخرين أو احتقارهم وهذا الايحاء غالبا ما يؤدي إلى توتر العلاقات بين الناس ويدفعهم إلى مبادلة من يتم التعامل معهم بجفاء كما أن الابتسامة لها مفعول السحر بين الزوجين لأن مردودها الايجابي ينعكس علي الطرفين فهي تبعث في نفسيتهما الطمأنينة والثقة والسعادة أما العبوس والتجهم فله مردود سلبي
وحيث أن عبوس أو تجهم أحد الزوجين في وجه الآخر يعتبر من علامات اختلاق النكد الزوجي فأن الأبحاث النفسية والطبية والاجتماعية التي أجراها كبار العلماء في مختلف دول العالم أكدت أن المنزل الذي يعشش فيه النكد تستوطنه الأمراض والعلل وتزداد فيه حالات القلق والاكتئاب والاضطرابات النفسية ولا يتم فيه الشعور بالسعادة الزوجية . ومن الاعجاز القرآني الذي يبين أضرار النكد قال تعالي :” البلد الطيب يخرج نباته بأذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا” حيث أن الخبث يعني الشيء الرديء والمكروه أما النكد هو الشئ العسر الممتنع عن إعطاء الخير ففي تلك الآية يتضح أن الأرض الكريمة عذبه التربة تخرج احسن النباتات أما الأرض الرديئة فهي عسرة قليله الخير والعطاء ومنزل الزوجية شأنه شان الأرض أما أن يكون منزلا طيبا يسوده جو الهدوء والسكينه والوئام ويتم الشعور فيه بالسعادة أو رديئا ومكروها تتفشي فيه الامراض وتستوطن فيه التعاسة .
فيصبح طاردا وليس جاذبا لمن يتعايشون فيه هذا ما أكده د.سيد حسن السيد الخبير الدولي للإتيكيت وآداب السلوك بوسائل الإعلام والمحاضر بالمراكز التدريبية المتخصصة ولتوضيح أسباب النكد الزوجي وآثاره السيئة وكيفية التعامل مع الشخصية النكدية يحدثنا د.سيد حسن السيد مقدما للأزواج والزوجات النصائح السلوكية التالية:-
1 – النكد هو التسبب في افتعال المشاكل عن قصد وتعكير صفو اللحظات السعيدة ومن علامات النكد علي الوجوه العبوس والتجهم وشد الأعصاب وارتجاف الشفاة مع علو الصوت مع اتخاذ وضع نفسي متحفز للدفاع والعدوان ووضع عقلي لا يري إلا الجانب المعتم السلبي وتصيد الأخطاء وتضخيم التوافه وتكبير الصغائر مع تفسير الأمور علي محمل سيئ ومحاوله نبش الماضي واستعاده المآسي لتزويد النكد هذا وقد صرح الأطباء الغربيين بأن اختلاق النكد الزوجي له آثارسلبية خطيره تنعكس علي صحه الزوجين .
حيث قال (د.جوتمان) عالم النفس أن النكد هو مرض القلوب المحطمة لأنه يؤدي إلى حدوث ارتباك بالجهاز المناعي بالجسم مع تأثر الأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم كما أكد ( د. بريان بيكر) أن الازواج الذين يعيشون حياه زوجية سعيدة دون نكد فأن جدار القلب لديهم يكون أقل سمكا من جدار قلب من يعيشون في تعاسة وذلك بدوره يضمن أداء متميز بعضلات قلوب السعداء أما الباحثة السويدية ( د.كريستينا اورس جومير) فقد اثبتت أن المشاكل الزوجية وما يتولد عنها من نكد أسرى فأنها تضر بقلوب السيدات خاصه اللاتي تعانين من مشكلات الشريان التاجي أكثر مما يسببه الإرهاق الشديد في العمل هذا وقد شملت دراستها سيدات تتراوح أعمارهن من 65:30عام حيث تبين أن تعرضهن للإصابة بالذبحة الصدرية حوالي 3 مرات أكثر من الزوجات اللاتي يعيشن حياه زوجية هادئة دون نكد حيث أن هرمون الادرينالين يزداد عند شدة الانفعال والغضب مما يؤثر علي سلامه القلب ومن الآثار السلبية ايضا للنكد فقد اكتشف علماء بجامعه ليبرغ الألمانية بعد متابعه عشرون زوج وزوجة يعاني أحدهما من الآلام مزمنة وأوجاع في الظهر والرقبة كانت بسبب وجود شريك حياه نكدي علي مقربه من المريض لذا ينصح الأطباء بالابتعاد عنه عند اختلاقه للنكد.
2- وعن التحليل النفسي للشخصية االنكدية أفاد علماء النفس أن الاستعداد لاختلاق النكد مع الآخرين هو نوع من الاضطراب النفسي الذي يطلق عليه (السوداوية ) ومن اعراضه الحزن واللامبالاة العاطفية وتباطؤ الاستجابة النفسية والحركية للدوافع المختلفة حيث يكون الانسان سواءا كان رجلا أو إمرأه منحصرا في ذاته وهو يعتبر ان كل ما يرتبط به من هموم وأفكار لابد ان تكون بالضرورة موضع اهتمام الاخرين لذلك فهو يبادر دائما بالحديث عن نفسه وهمومه وانشغالاته وهواجسه ويتوقع من كل من يقترب منه ان ينشغل به وحده وإذا استشعر بشيء من اللامبالاة من المحيطين به بمحاولتهم التهوين عليه فإنه يضيق بهم ويشتبك معهم ويسيئ الظن بهم ومن أسباب حدوث النكد الزوجي بخلاف أن يكون الشخص يعاني من اضطراب نفسي ومن النوع السادي الشخصية فقد يكون النكد نتيجة سرعة الانفعال وعدم التثبت من الأمور والاندفاع في مواجهتها مما يؤدي إلى تعكير صفو الحياه وقد يكون بسبب عدم الرضا عن طريقه المعيشة والمستوي المادي للأسرة مع التطلع نحو مستويات الغير من الناس مما ينتج عنه كثره الشكوى ومعايره الطرف الآخر وقد يكون اختلاق النكد نتيجة الشعور بالتعب والاجهاد وعدم القدرة علي تحمل مسئوليات الأسرة وأداء الواجبات الزوجية واحيانا يكون السبب هو عدم التوافق الجنسي بين الزوجين أو نتيجة سوء معامله احد الزوجين للطرف الاخر إذا كان حاد الطبع وسريع الغضب لو نظرنا الي جميع هذه الاسباب لوجدنا أن جميعها مرتبطة بما يصدر من سلوكيات خاطئة سواء من الزوجة أو الزوج أو الاثنين معا والسلوك الخاطئ يمكن تعديله إذا كان هناك توافق بين الزوجين والتوافق يعني التكيف بينهما من حيث اشباع كل منهما لحاجة الآخر ومواجهتهما للظروف المحيطة معا بتكاتف مع محاوله كل منهما بتعديل سلوكياته إذا كانت خاطئة برضا وحب واقتناع حتي يمكن أن يتحقق هذا التوافق وتزول أسباب حدوث النكد
3 – من اقوال الكتاب الغربيون المهتمون بشئون الأسرة والعلاقات الزوجية تقول (هيرفون) في كتابها (النكد الزوجي):{التعكير الدائم لصفو حياه الطرف الآخر فهو تماما كالحرب النفسية ومن أسبابه الفراغ أو سطحيه التفكير عند من يختلق النكد ونتيجة لتربيه خاطئة من الصغر أو محاوله لجذب انتباه الطرف الآخر كانتقام منه علي تجاهله لشريكه في الحياه – والزوج النكدي يلوح بعبارات وأفعال فيها طابع إظهار القوة والسطوة اما الزوجة النكدية فهي تعتمد قبل كل شيء علي سطوه لسانها ولسع عباراتها} أما الكاتبة الإنجليزية (دوروثي ويكس) فتقول:[قد تتمتع الزوجة بكل فضيله لكن هذه الفضائل تصبح لا وزن لها ولا قيمة إذا كانت الزوجة سيئة الطبع وحاده المزاج ومحبه للنكد] وتعقيبا علي ما قالته تلك الكاتبة الإنجليزية نستطيع أن نقول أن رسولنا الكريم(عليه الصلاة والسلام ) قد أشار إلى تلك الزوجة التي تتمتع بكل فضيله اي الصالحة بأنها إذا ابتسمت اسعدت الزوج وإذا تطاولت عليه اتعسته. – وذلك في حديثه الشريف حينما قال: ” فمن السعادة المرأة الصالحة تراها فتعجبك ومن الشقاء تراها فتسؤوك وتحمل لسانها إليك ”
4 – إذا كان علماء النفس والاجتماع والكتاب والباحثون الغربيون قد أجمعوا علي أن النكد الزوجي لمن الآفات الاجتماعية التي تجلب الامراض والعلل للزوجين وتحطم جسور المحبة بينهما وبعد أن تحولت السكينة والتوازن الداخلي بين الزوجين إلى سيكولوجية مضطربة ومتوترة بينهما في ظل ما يحدث حاليا من متغيرات عصرية فأن الله سبحانه وتعالي قال في كتابه العزيز: “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم ازواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ” حتي تظل الزوجة الصالحة في كل زمان ومكان هي السكن للزوج والسكن يعني هدوء النفس بعد الاضطراب اي بعد ما يواجهه الزوج من مشقه و عناء العمل والسعي وراء كسب لقمة العيش لسد احتياجات الحياه الزوجية لذلك تم ذكر في الآية الكريمة “لتسكنوا إليها ” أي لتستأنسوا بالزوجات وتستريحوا إليهن وحتي يتحقق ذلك علي الزوجات توفير جو الهدوء والسكينة داخل المنزل مما يتطلب عدم اختلاقهن للنكد كما يجب علي الأزواج عدم التسبب في حدوث ذلك
وتلك هي الحكمة من نزول. هذه الآية التي تبين دور الزوجة وأهميته في حياه الزوج واستقرار الأسرة وحينما نتحدث عن دور الزوج فلنتذكر قول الله تعالي:” الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض وبما انفقوا من أموالهم ” تفضيل الله للرجال عن النساء بسبب قدرتهم علي الاحتمال والقوة الجسدية والقوامة تعني الولاية أي تحمل الزوج المسئولية من حيث الانفاق والحماية والرعاية الصحية الجسدية والنفسية مع توجيه وارشاد وتوعيه الزوجة اذا اخطأت.لتعديل سلوكها وكلمه قوام تعني أن الزوج يجب أن يحسن القيام بكافه واجباته نحو زوجته وأولاده بان يحسن معاملتها ويعاونها في الأعمال المنزلية إذا لزم الأمر وان يقوم علي خدمتها إذا مرضت دون تأفف أو استياء وأن يصبر عليها إذا غضبت نتيجة تعرضها لضغوط نفسية وعصبية وليقتدي الأزواج برسول الله (صلي الله عليه وسلم) الذي كان يعاون زوجاته في الأعمال المنزلية ويلاطفهم ويداعبهم ويحترم مشاعرهم وليقتدي الزوجات بالسيدة عائشة (رضي الله عنها) زوجه رسول الله (عليه الصلاة والسلام) التي كانت لا تعبر عن غضبها بالتطاول عليه أو محاوله لاختلاق النكد معه حقا أن النكد الزوجي لمن الآفات الاجتماعية التي إذا عششت في المنازل تفشت فيها الأمراض والعلل وتحطمت جسور المحبة بين الأزواج والزوجات. كما أن الابتسامة خير من العبوس لأنها مفتاح القلوب ومن مؤشرات الصحة النفسية التي تطيب النفوس اما النكد فهو مرض القلوب المحطمة