السياسيون والعسكريون الاسرائيليون يكررون الكذب منذ سنين لدرجة انهم باتوا يصدقون كذبهم… فلا عادوا يتكرون الحقيقة وإن لاحت لهم في الافق يرفضونها
اسرائيل برمتها تعيش في فقاعة من خداع الذات فيما يتعلق بمفهوم الامن في هذه البقعة من الارض. وحكومة نتنياهو تحاول ايجاد حل للنزاع القائم منذ عشرات السنين من خلال الهرب نحو الامام..التصعيد هو الحل الوحيد الذي تراه…انها لا تدير سياسة دولة…انما تتحرك بدوافع الانتقام العشائرية الاولية…تماما كما تفعل حكومات دول العالم الثالث.
حكومة نتنياهو تراوح بين الاصغاء الى هيئة الاركان العسكرية، وبين الاصغاء الى مجلس المستوطنات “يشاع”… ولم يخطر ببال اي من هذه الحكومة اليمينية الصرف بأن ثمة ما يسمى تعامل سياسي مع المواضيع الميدانية.
اصغيت طوال النهار الى البرامج الاذاعية على اختلافها وهي تتحدث من خلال كل جهابذة التحليلات السياسية لما يجري ميدانيا، وكلهم يرددون نفس الكلام الفارغ من اي مضمون قد يؤدي الى حل، وكأنهم يعيشون في عالم آخر لا يرون الاسباب الحقيقية حتى يشيروا الى طريقة التعامل معها.
وفي نهاية المطاف خرج علينا نتنياهو يرجف على ائتلافه الحكومي من تهديدات سموتريتش واوري اريئيل، فالقى خطابا ناريا وعد خلاله بهدم بيوت “المخربين” خلال 48 ساعة وبشرعنة آلاف الوحدات السكنية الاستيطانية ومزيد من الاعتقالات.
اولا هدم بيوت “المخربين” لن يتم في هذه الفترة القصيرة لأن المسار القضائي سيعيقها وسيلغي بعضها…وهناك حوالي 100 بيت تم اخلاؤها للهدم ولم تهدم …ثم ان اسرائيل هدمت الى الآن منذ احتلالها الاراضي الفلسطينية آلاف البيوت…وكانت النتيجة ان كل طفل حرم من مأوه التحق بأحدى الكتائب المسلحة للفصائل الفلسطينية…
ثانيا توسيع الاستيطان…هذا رد انتقامي لم يعد يجدي لأن سبب توسيع الاستيطان ليس مهما، فهو آت بكل الحالات سواء بعد هجوم مسلح او بعد لقاء ابتسامات لنتنياهو مع ترامب…الاستيطان لم يتوقف للحظة عن التوسع سواء في الخفاء او العلن …ولهذا لم يعد يؤلم احدا كرد على عملية مسلحة… لقد اعتاد الفلسطيني غزارة هذا الألم وهو على يقين بانه الى الزوال يوم قيام الدولة الفلسطينية.
وثالثا مزيد من الاعتقالات…هذه مهزلة المهازل…اوتعلم يا سيد نتنياهو ان ما يزيد عن 700 ألف فلسطيني قد مروا عبر المعتقلات الاسرائيلية لفترات متفاوتة…منذ 1967 الى الآن..700 ألف معتقل ولم تحصل السلطات الاسرائيلية على الهدوء…
وفي نهاية الكلام، لا حاجة بحركة حماس لتدفع الفلسطيني الى تنفيذ هجماته ولا حاجة برواتب الاسرى والشهداء لدفع الفلسطيني الى حمل سلاحه كما لا حاجة الى تحريض عباس… بهذه الاكاذيب تحاول حكومة اليمين الضحك على الاسرائيلي العادي لامتصاص غضبه وتحويل انظاره عن السبب الحقيقي لغياب الامن… انه الاحتلال اولا واخيرا..وطالما بقي الاحتلال قائما فلن يحل الامن والاستقرار في المنطقة اطلاقا… وطالما بقي نتنياهو والاخرون يخشون المستوطنين حفاظا على حكوماتهم، فلن يجرؤ اي منهم على الاشارة الى الاسباب الحقيقية لمقتل اولادهم في مواقف الباصات في الضفة الغربية.
الحل ليس مزيدا من التضييق على الفلسطينيين، ولا مزيد من الاعتقالات ولا حتى مزيد من الحواجز الامنية..كل هذه الوسائل عرفناها ولم تتمخض عن أي نتائج…ما قد يؤتي بنتيجة هو فقط انهاء الاحتلال…