قبل عامٍ من الآن فتح الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” حقبة سوداء على وجه الفلسطينيين، باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل.
في السادس من ديسمبر لعام 2017، أعلن ترامب عزمه على نقل سفارة الولايات المتحدة الحاضنة للإرهاب في العام، إلى مدينة القدس اعترافً بها كعاصمة لإسرائيل.
أشعل ترامب بقراره فتيل غضب “انتفاضة القدس”، التي بدأت بعمليات الطعن المنفذة من قبل الشبان الفلسطينيين ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، بكافة المناطقفي الدخال الفلسطيني ، في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
فقد شجع قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، الذي اتخذه في مثل هذا اليوم من العام الماضي، الحكومة الإسرائيلية على إطلاق يدها في المدينة ولكنه أبقى الولايات المتحدة الأميركية معزولة عالميا في قرارها هذا الذي أتبعته بنقل سفارتها إلى المدينة.
دول العالم خالفت الإدارة الأميركية
فعلى عكس ما كانت تأمله الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية فإن دول العالم خالفت الإدارة الأميركية في قرارها الذي بقي حتى الآن مقتصرا على غواتيمالا بعد أن تراجعت باراغواي وأعادت سفارتها إلى تل أبيب بعد 4 أشهر فقط على افتتاحها في مدينة القدس.
ورفض العالم بأكمله قرار الولايات المتحدة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وأبقى على تأكيده وجوب إيجاد حل سياسي يستند إلى حل الدولتين بما يشمل إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس على حدود 1967.
وكانت القيادة الفلسطينية أوقفت في مثل هذا اليوم من العام الماضي اتصالاتها السياسية مع الإدارة الأميركية بعد قرارها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وقرارها نقل سفارتها إلى المدينة، حيث ما زالت الاتصالات متوقفة حتى الآن ما فاجأ الطاقم الأميركي برئاسة كبير مستشاري الرئيس وصهره جاريد كوشنر الذي كان يتوقع أن لا يزيد الغضب الفلسطيني على أسبوعين إلى ثلاثة على الأكثر.
وتصر القيادة الفلسطينية منذ ذلك الحين على أن الإدارة الأميركية عزلت بهذا القرار نفسها كوسيط في عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين، مشددة على وجوب عقد مؤتمر دولي للسلام تنبثق عنه آلية دولية متعددة الأطراف للوصول الى حل الدولتين ضمن سقف زمني محدد.
8 قرارات عمقت هوة الأزمة السياسية الفلسطينية – الأميركية
بيد أن الإدارة الأميركية التي اعتقدت أن بالإمكان إجبار الفلسطينيين على عودة الاتصالات معها لجأت الى 8 قرارات ساهمت في تعميق هوة الأزمة السياسية الفلسطينية – الأميركية.
فقد امتنعت عن التجديد لفتح مكتب البعثة الفلسطينية في واشنطن ثم نقلت سفارتها الى القدس وأوقفت الدعم للشعب الفلسطيني قبل وقف دعم المستشفيات الفلسطينية في القدس ثم أوقفت تمويل وكالة (الأونروا) قبل إغلاق مكتب تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن ثم أوقفت استخدام تعبير الأراضي المحتلة قبل ان تقرر أخيرا دمج القنصلية الأميركية العامة في القدس بالسفارة الأميركية.
وما زالت الإدارة الأميركية تتخبط بشأن إعداد خطة للسلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين يصطلح على تسميتها “صفقة القرن” دون أن تعلنها حتى الآن بعد ظهور بوادر رفض دولي لها في حال استثنت قضايا القدس واللاجئين والحدود والمستوطنات من الحل.
ولكن إسرائيل استغلت القرار الأميركي لإحكام قبضتها الاحتلالية على مدينة القدس عبر إخراج سلسلة من المشاريع الاستيطانية لعل البارز منها قرار هدم قرية الخان الأحمر الفلسطينية توطئة لتنفيذ المشروع الاستيطاني (E1) الذي يقول المجتمع الدولي إن من شأن تنفيذه القضاء على فرص حل الدولتين.
فسارعت الحكومة الإسرائيلية إلى منع جميع الانشطة الثقافية والاجتماعية في مدينة القدس المحتلة وحاولت، كما لم يجر منذ الاحتلال الإسرائيلي العام 1967، فرض مناهجها الدراسية على المدارس الفلسطينية في المدينة المحتلة.
وأطلقت الحكومة الإسرائيلية العنان للمستوطنين للاستيلاء على منازل فلسطينية في القدس وخاصة البلدة القديمة وقرية سلوان فيما صعدت من وتيرة الهدم للمنازل الفلسطينية بداعي البناء غير المرخص في وقت اغدقت فيه رخص البناء على المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي المدينة.
وصعدت الجماعات الاستيطانية الإسرائيلية، مدعومة من الشرطة الإسرائيلية واعضاء كنيست متطرفين، من عمليات الاقتحام للمسجد الأقصى حيث وصلت أعداد المقتحمين إلى مستويات غير مسبوقة منذ بدء الاقتحامات في العام 2003.
وفي الوقت ذاته حاولت الحكومة الإسرائيلية فرض الضرائب على ممتلكات الكنائس في المدينة المحتلة قبل أن تتراجع تحت وطأة إغلاق رؤساء الكنائس أبواب كنيسة القيامة لعدة أيام.
وفتح القرار الأميركي بوقف تمويل وكالة (الأونروا) واعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، شهية بلدية الاحتلال لتطبيق حلمها القديم بفرض قبضتها الاحتلالية على مخيم شعفاط للاجئين وهو المخيم الوحيد في المدينة.
وأعطى القرار الأميركي الضوء الأخضر إلى حزب (الليكود) اليميني الإسرائيلي لتبني قرار بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وخاصة المنطقة المصنفة (ج).
وإزاء امتناع الإدارة الأميركية عن إدانة الاستيطان الإسرائيلي، واعتبار السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان الاستيطان بأنه مشروع، فقد صعدت الحكومة الإسرائيلية من انشطتها الاستيطانية في الضفة الغربية بما في ذلك تصعيد الاستيطان في قلب مدينة الخليل في الضفة الغربية.
وقع كلُّ رئيس أمريكي تنازلا لمدة ستة أشهر الى ان جاء ترامب!
وكانت الولايات المتحدة قد عارضت إعلان إسرائيل القدس عاصمتها في عام 1949 وعارضت خطة الأردن لجعل القدس عاصمة ثانية أعلنت في عام 1950، كما عارضت الولايات المتحدة ضم إسرائيل للقدس الشرقية بعد حرب 1967 واقترحت أن يكون مستقبل القدس موضوع تسوية تفاوضية، وقد حافظت الإدارات اللاحقة على نفس السياسة التي مفادها أن مستقبل القدس لن يكون موضوع إجراءات أحادية الجانب يمكن أن تضرّ بالمفاوضات، مثل نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
وفي عام 1995، أصدر الكونغرس قانون سفارة القدس الذي أعلن بيان السياسة بأنه “ينبغي الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل”، كما نصّ مشروع القانون على أن السفارة الأمريكية يجب أن تنتقل إلى القدس خلال خمس سنوات، ومنذ ذلك الحين، وقع كلُّ رئيس أمريكي تنازلا لمدة ستة أشهر، ممّا أدّى إلى تأخير هذه الخطوة.
أهم عناصر قرار الإعتراف:
تضمّن قرار ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمةً لدولة الاحتلال الإسرائيلي المحاور التالية:
القدس عاصمة لإسرائيل
بحسب ترامب، فإن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل هو “الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله”. ومع ذلك فقد حرص في خطابه على تأكيد أنّ إعلانه هذا لا ينبغي أن يمس بقضايا الوضع النهائي.
وبحسب رسالة بعثتها الخارجية الأميركية إلى سفاراتها في العواصم الأوروبية، فقد طلب من الدبلوماسيين الأميركيين التوضيح للمسؤولين الأوروبيين “أن القدس ما زالت قضية من قضايا الوضع النهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين وأنه يجب على الطرفين تقرير أبعاد سيادة إسرائيل في القدس خلال مفاوضاتهم”. وهو ما أكده وزير الخارجية ريكس تيلرسون مرةً أخرى بقوله إن الرئيس “كان واضحاً للغاية أن الوضع النهائي (بالنسبة إلى القدس) بما في ذلك الحدود سيترك للتفاوض واتخاذ القرار بين الطرفين”، وذلك في إشارة ضمنية إلى أنه يمكن تقسيم المدينة إلى عاصمتين إذا توافق الطرفان.
وكانت إسرائيل قد احتلت القدس الغربية عام 1948، وأعلنتها عاصمة لها عام 1949، في خطوة رفضها المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، ثم احتلت القدس الشرقية عام 1967. وتنص القرارات الدولية على أن القدس الشرقية التي تقع ضمن حدودها الأماكن المقدسة لليهود والمسيحيين والمسلمين، أرضٌ محتلة، وهي الجزء الذي يريده الفلسطينيون عاصمةً لدولتهم، وترفض إسرائيل ذلك.
وعلى الرغم من محاولة الإدارة الأميركية التقليل من خطورة القرار، فما لم يقله ترامب ولا مسؤولو إدارته هو أنّ إسرائيل ترفض منذ عام 1967 الاعتراف بحق الفلسطينيين في القدس الشرقية. كما أنّ ترامب برر قراره إعلان القدس عاصمة لإسرائيل بأنه يطبّق القانون الذي أصدره الكونغرس عام 1995.
وينص هذا القانون على أنّ مدينة القدس “يجب أن تبقى موحدة”، و”ينبغي الاعتراف بها عاصمةً لدولة إسرائيل”، ومن هنا، يصبح أيّ حديث عن أنّ قرار ترامب لا يتضمن مصادرة لحق الفلسطينيين في مناقشة قضايا الوضع النهائي، ومن ضمنها القدس، في المفاوضات، ذرٌ للرماد في العيون، خصوصاً أنّ التقارير التي تنشر عن ملامح إطار لحل يعمل عليه فريق صهر الرئيس، جاريد كوشنر، إما أنّها تستبعد القدس الشرقية من الحل، وإمّا أنّها تدعو إلى تأجيل بحثها لسنوات قادمة، حتى لو قامت دولة فلسطينية.
14.05.2018 افتتاح السفارة بالعاصمة المسروقة من أهلها
افتتحت الولايات المتحدة اليوم الاثنين رسميا سفارتها بالقدس بتأكيد عبر رسالة بالفيديو من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أن القدس عاصمة حقيقية لإسرائيل.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في رسالته إلى المشاركين آنذاك، في المراسم إن إسرائيل دولة مستقلة ويحق لها مثل لأي دولة في العالم أن تحدد عاصمتها والقدس عاصمة حقيقية لإسرائيل.
كما أكد ترامب أن واشنطن ملتزمة تماما باتفاق السلام.
ورحب السفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان في كلمة افتتاحية بالمدعوين لافتتاح سفارة واشنطن بالقدس، مشيدا باعتراف الرئيس دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها.
بدوره، قال نائب وزير الخارجية الأمريكي جون ساليفان إن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها “خطوة لإحلال السلام في القدس والمنطقة وكل العالم والاعتراف بالواقع القائم منذ سنوات”.
وشدد جاريد كوشنير، صهر ترامب ومستشاره على أن العديد من زعماء أمريكيا السابقين وعدوا بنقل السفارة إلى القدس، لكن ترامب هو الوحيد من حقق هذا الوعد.
وأشار كوشنير إلى أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس يظهر للعام أن الولايات المتحدة دولة جديرة بالثقة”، معتبرا أن “إسرائيل هي الوصي المسؤول عن القدس وكل ما فيها”.
وأضاف كوشنير: “لا نخاف من الوقوف مع حلفائنا من أجل الحق والسلام. السعي للسلام نبيل والمستقبل يمكن أن يختلف عن الماضي، السلام يحتاج إلى قرارات صعبة، وعلينا أن نكون شجعانا”.. “إسرائيل دولة تحترم قيم الحرية، بما في ذلك حرية المعتقد للجميع”.
من جانبه، شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الرئيس الأمريكي لقراره، قائلا: “يجب أن نتذكر هذه اللحظة التاريخية للقدس ودولة إسرائيل وترامب كتب تاريخا جديدا”.
وأضاف: “إنه يوم كبير بالنسبة للشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.. وسفارة أقوى دولة في العالم تفتتح اليوم في القدس”.
وتابع: “إننا في القدس وسنبقى هنا”، مشدداً، في ختام كلمته على أن “الحقيقة تكمن في أن القدس عاصمة دائمة للشعب اليهودي ودولة إسرائيل”.
ماذا يعني أن تصبح القدس عاصمة لإسرائيل؟
أن تصبح القدس عاصمة لإسرائيل يعني أنها أصبحت بشقّيها الشرقي والغربي تحت إمرة الاحتلال والسيادة الإسرائيلية الكاملة على المدينة، ما يفرض سياسة أمر واقع على خيار المفاوضات المتوقّفة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وتسعى الإدارة الأمريكية حالياً إلى إحياء المفاوضات، التي توقّفت منذ أبريل 2014، بعد رفض إسرائيل وقف الاستيطان، والإفراج عن معتقلين قدامى داخل السجون، والقبول بحل الدولتين على أساس حدود 1967.
ويترتّب على قرار ترامب أيضاً أنه يعطي الحق لإسرائيل في السيطرة والتوسّع وبناء “عاصمتها” بالشكل التي تريده، متجاهلة كل القرارات الدولية المتعلّقة بالحفاظ على الموروث الثقافي الإسلامي والمسيحي.
أضف إلى ذلك أن ترامب نسف كل الحقوق المطالبة بحرية زيارة الفلسطينيين والعرب للأماكن المقدسة في المدينة؛ بحجّة الحفاظ على أمن “العاصمة”، والتي تمثّل أمن واستقرار “الدولة الإسرائيلية”.
كذلك فإن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يعني رفع الوصايات الدولية والعربية والإسلامية عن المدينة المقدسة، وهو ما يسعى إليه الاحتلال، ما يمكّنه من بناء قواعد عسكرية هناك تسمح بدخول الجيش رسمياً متى شاء.
واقتصادياً، فإن خطوة ترامب “المتهوّرة” تعني ارتفاع معدلات البطالة والفقر في أوساط الفلسطينيين داخل المدينة المقدسة، التي يعاني سكّانها أوضاعاً أمنيّة ومضايقات من قبل الاحتلال، إضافة إلى ازدياد أعمال التهجير والإبعاد عن القدس.
(345) شهيداً منذ إعلان ترامب القدس عاصمة إسرائيل
أفادت معطيات فلسطينية بأن عدد شهداء فلسطين بلغ 345 شهيدا منذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل.
مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني قال قبل عدة أيام، إن من بين الشهداء 71 طفلاً وستة من ذوي الاحتياجات الخاصة، مشيرا إلى أن معظم الشهداء كانوا من قطاع غزة.
وفي سياق متصل، أكد ذوو الشهداء المحتجزة جثامينهم لدى الاحتلال استنفاد كافة الإجراءات القانونية لدى المحكمة العليا الإسرائيلية، موضحين أن تلك المحكمة ما زالت تماطل في إصدار قرارها منذ أشهر عديدة.
ودعوا لتوحيد الجهود القانونية والشعبية في مواجهة هذه السياسة، عبر تشكيل فريق قانوني وطني متخصص لمتابعة هذه القضية محليا ودوليا.
كما دعوا المؤسسات والقوى الشعبية الفلسطينية للإعلان عن يوم لفعاليات مركزية في كل أنحاء الوطن للمطالبة بالإفراج عن جثامين الشهداء.