وزارة المعارف الإسرائيلية تصدر كتابًا جديدًا في موضوع المدنيات الخاص في المدارس العربيّة، معتمدًا مصطلحات صهيونية مثل وصف اسم الدولة ب”بلستينا” بدل اسمها “فلسطين” الذي يعبّر عن هوية المكان، و”ارض اسرائيل” بدلًا من مصطلح “البلاد” كما كان معتمدًا في الكتاب السابق و”أورشليم القدس” مكان “القدس”.
كشف موقع “واينت” اليوم الخميس، أن نقاشًا يدور في وزارة المعارف حول المصطلحات الّتي ستظهر في كتاب المدنيات الّذي من المتوقع أن يصدر قريبًا باللغة العربية.
وبحسب تقرير “واينت” فإن وزارة المعارف قامت باستبدال عدد من المصطلحات في النسخة العربية للكتاب بمصطلحات أخرى تُعبّرُ عن الرواية الصهيونية للدولة اليهودية، بما في ذلك إستبدال كلمة “البلاد” ب”أرض اسرائيل”، و”القدس” ب”أورشليم القدس”، واختيار مصطلح “بلستينا” بدلًا من فلسطين، و”ارض اسرائيل” بدلًا من مصطلح “البلاد” كما كان معتمدًا في الكتاب السابق و”أورشليم القدس” مكان “القدس”. وإضافة جملة “كانت الأرض خالية من السكان” قبل عام 1948.
ويشار الى أن طاقم الترجمة في “كهيلت” ضمّ أعضاءً من الوسط العربي، لكن طاقم وزارة المعارف الذي اعتمد التغييرات النهائية وأقرّ الكتاب بنسخته الأخيرة، لم يشمل أي عضو من الوسط العربي.
د.أيمن اغبارية: الكتاب ينقل النقاش من سياسي الى ديني ايديولوجي
وتعقيبا على ذلك، قال د.أيمن اغبارية – رئيس برنامج اللقب الثاني في دراسات التربية والمجتمع والثقافة في جامعة حيفا – في تصريح خاص لموقع “رِواق” إن الصراع ليس فقط على كتاب المدنيات بشكل عام، لكن الكتاب الجديد هو سيء أيضا لليهود، حيث يتم تديين المجتمع الإسرائيلي بالصهيونية المتديّنة، ويتضح ذلك من خلال الانتقال من الحديث عن دولة إسرائيل الى ارض إسرائيل، وهو مصطلح توراتي، حيث أن النقاش في الكتاب ينتقل من سياسي الى ديني أيديولوجي.
وتابع:” الكتاب الجديد هو كتاب إشكالي، حول كيفية عرض صورة المجتمع الفلسطيني والأقلية الفلسطينية على أنها مجموعة أقليّات دينية وعرقية”.
وأضاف:” من اشكالياته أيضا هو وضع فكرة الإندماج والمساواة كتحدٍ يقع على عاتق الأقلية وليس الدولة، بالإضافة الى اشكاليّات كبيرة في الرواية الفلسطينية والخلفية التاريخية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.
وأكد اغبارية أن الإشكالية ليست فقط في الترجمة، إنما تطوير مواد تعليمية أصيلة في اللغة العربية، واللغة ليست فقط كأداة لغوية، إنما كأداة معرفية ومضامين.
99 مصطلح بديل
ودعا اغبارية الى الاهتمام بالمواد البديلة بما يتعلق في المدنيات والمشاريع المقاوِمة التي طرحتها لجنة المتابعة العليا، مثل مشروع 99 مصطلح بديل، ويجب استثمار ذلك بصورة أوسع لرفع الوعي.
ونوّه الباحث د.اغبارية أن معلمي المدنيّات لا يعتمدون الكتاب بشكل عام في تدريسهم للطلاب، إنما يدرّسون عبر ملخصات ومواد مساعدة يعملون عليها، والكتاب يبقى مصدر مرجعي ورمزي.
وحول تمثيل العرب في منهاج المدنيات، قال إن الحاجة ليس لتمثيل العرب بصورة رمزية فقط دون تأثير في اختيار المناهج ، الحاجة هي لتمثيل ومشاركة في صنع القرار، والأهم من ذلك هو الخطاب والعقلية التي من خلال يتم تطوير المناهج، لا سيما اذا ما كان صهيونيا وعدائيا.
عودة يرسل رسالة مستعجلة لوزير التربية والتعليم
بعد هذا النشر، قام النائب ايمن عودة رئيس القائمة المشتركة بإرسال رسالة مستعجلة لوزير التربية والتعليم نفتالي بينت، مستنكرًا لهذا التلاعب بالمصطلحات السياسيّة موضّحًا انه يرمي الى فرض وعي سياسي جديد لدنا أبنائنا وبناتنا عن طريق تجهيليهم بهويتهم السياسية والتاريخية، ومطالبًا اياه بالعدول عن هذا التعديل جملةً وتفصيلًا، واعتماد المصطلحات السياسيّة المتّبعة لدى لجنة التعليم العربي المنبثقة عن لجنة المتابعة.
كما أشار عودة في رسالته، أن اعتماد مصطلحات قانون القومية في كتب المدنيات يُمثِّل تعدٍّ آخر على الهوية العربية من خلال استعمال مصطلحات صهيونيّة تتنافى تمامًا مع هويّة وتطلعات المجتمع العربي كأقلية قومية في البلاد.
وفي تعقيبه قال عودة: “ما لم تنجح به اسرائيل على مدار سبعين عامًا، لن ينجح به بينت اليوم. فإن هويّة أبناء شعبنا العربية-الفلسطينيّة متجذّرة بوجدانهم وهي أقوى من ان تهشّمها تطلعات اليميني بينت. سنُفشل مخططات بينت كما أفشلناها طيلة السبع عقود الماضية، وسنصون برمش العين هويتنا وهوية المكان، كما سنصون ثقافته ولغته”.
النائب جبارين: الوزير بنيت يزوّر التاريخ بكتاب المدنيات الجديد
وفي رده على هذا النشر، قال النائب د. يوسف جبارين، عضو لجنة التربية والتعليم البرلمانية (الجبهة، القائمة المشتركة)، ان: “وزارة المعارف تفرض منذ تأسيسها مضامين مواد تدريس التاريخ والمدنيات على الطلاب العرب دون ان تكون اية مشاركة حقيقة للمختصين العرب في وضع هذه المضامين، وبالتالي عكست المواد التدريسية الاسرائيلية الرواية اليهودية الصهيونية وتنكرت للرواية العربية الفلسطينية. وهكذا، فالرواية المهيمنة في كتب التدريس تتبنى المصطلحات والعبارات الصهيونية للأماكن الجغرافية وللمحطات التاريخية الهامة، وهي تشوّه الحقائق التاريخية وتزوّرها”.
وأضاف جبارين: “في ترجمة وزارة المعارف نرى عودة وتشديد على المزاعم الصهيونية والدعايات الكاذبة، مثل ان “اليهود اتوا الى ارض بلا شعب”، وان الاسم التاريخي لفلسطين هو “ارض اسرائيل”، مؤكدًا انه “بالتزامن مع التشريعات العنصرية والممارسات الاحتلالية، تشهد السنوات الأخيرة تصعيدًا في الهجمة على الرواية الفلسطينية والهوية الفلسطينية الجماعية، وخاصة من خلال وزارة المعارف التي يقودها الوزير المتطرف نفتالي بينت، الذي ينادي حزبه بضم الاراضي الفلسطينية الى اسرائيل وبسط السلطة الاسرائيلية على كامل أرض فلسطين”.
وأكد جبارين الرفض التام لهذه الاملاءات، سواء من القيادة الجماهيرية والسياسية او من المعلمين والمربين في جهاز التربية والتعليم، ودعا الى اعتماد المواد البديلة من لجنة متابعة قضايا التعليم وباقي المؤسسات العربية. وأضاف جبارين انه يتشاور مع زملاء مختصين حول امكانية التوجه للقضاء ضد مضامين الكتاب الجدد والإملاءات الّتي تكمن في صلب مضامينه.
غنايم: هذا الإجراء هو سياسة تهويد ثقافي وتربوي ومحاولة لتغذية طلابنا بالرواية المزيّفة والكاذبة لتاريخ البلاد وجغرافيتها السياسية
وفي تعقيبه على هذا الموضوع صرح النائب عن الحركة الإسلامية مسعود غنايم: “قيام الوزارة وبالأساس وزير التربية بفرض ترجمة لبعض المصطلحات والكلمات في كتاب المدنيات وتغيير ترجمة هذه المصطلحات للطلاب العرب هو استمرار لسياسة الوزير بينيت القومي المتطرف في فرض الرواية الصهيونية اليمينية علينا وعلى طلابنا. هذا الإجراء هو سياسة تهويد ثقافي وتربوي ومحاولة لتغذية طلابنا بالرواية المزيّفة والكاذبة لتاريخ البلاد وجغرافيتها السياسية”.
وأضاف النائب غنايم: “موضوع المدنيات هو فرصة للتربية على قبول التعددية والمواقف المختلفة وإعطائها مساحة للتعبير عن نفسها، وتذويت قيمة الحوار والفكر الانتقادي لدى الطالب، ولكن بدلا من ذلك تحاول الوزارة جعل موضوع المدنيات منصة سياسية يروّج من خلالها الوزير لأفكار التيار الصهيوني الديني الذي ينتمي إليه”.