مصرع 19 عاملاً منذ مطلع 2019 – وحدة “بيليس” لم تجر أي تحقيق!
لا تزال حوادث العمل القاتلة، تواصل بحصد أرواح شهداء لقمة العيش، من شباب ورجال من مختلف أنحاء البلاد، وخاصة من المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني وفي الضفة الغربية، دون تقديم حلول جدّية تفي بالحد من هذه المعضلة الموجعة التي حصدت 19 شهيد لقمة العيش، ووحدة “بيليس”، لم تحقق في أي حادث.
قتل 19 عاملا في حوادث عمل مختلفة، في الداخل الفلسطيني، منذ مطلع العام الحالي 2019، غالبيتها الساحقة كان جراء سقوط عن ارتفاع، التي كان اخرها يوم الأحد 17.03.2019، الحادث الذي راح ضحيته الشابان أمين بصول وضامن طاطور من الرينة، كما وأصيب 63 شخصا بجراح متفاوتة، وبينها 7 إصابات بجراح وصفت بالخطيرة.
وعلى الرغم من مصرع 19 عاملا في حوادث عمل، وإصابة 63 عاملا بصورة خطيرة أو متوسطة، منذ مطلع العام الحالي في البلاد، فإن الوحدة القطرية التي أقامتها الشرطة في نهاية عام 2018 “بيليس”، لم تحقق في أي حادث.
ويشار إلى أن عاملين شابين لقيا مصرعهما يوم الأحد الفائت، وهما الشاب أمين ناصر بصول والشاب ضامن جول طاطور، من سكان بلدة الرينة، بينما كانا يعملان سوية داخل ورشة للبناء في حريش (منطقة وادي عارة)، ذلك بعد أن انهارت “السقالة” وسقطا أرضا من الطابق السابع، وذات نفس اليوم توفي الشاب فهد غنيمات، من سكان منطقة الخليل، ذلك بعد أن اصابته رافعة صغيرة خلال عمله داخل محل لمواد البناء، وفي الأسبوع الفائت، لقي الشاب ابراهيم عبدو، من مدينة الناصرة، حتفه بعد سقوطه عن إرتفاع خلال عمله في تركيب مكيفات في ورشة بناء في تل أبيب.
كما وأصيب يوم أمس الأول الاثنين، عاملان بجراح متوسطة بعد سقوطهما عن إرتفاع، حيث حصل الحادث الأول في منطقة الكرمل، بينما الثاني في كفار يونا.
وفي هذا السياق، قال النقابي جميل أبو راس، رئيس لواء المثلث الجنوبي للهستدروت، “سقط خلال العام 2018، نتيجة حوادث العمل القاتلة بفرع البناء 40 ضحية لقمة العيش، ومنذ بداية سنة 2019 سقط 19 عاملا ضحايا لقمة العيش، ناهيك عن المئات من الإصابات المتوسطة والخطيرة”.
أبو راس: الأغلبية الساحقة من عمال عرب فلسطينيين من جانبي الخط الأخضر
وأوضح أبو راس، أن الأغلبية الساحقة من هؤلاء العمال هم عمال عرب فلسطينيين من جانبي الخط الأخضر ومن العمال الأجانب.
ولفت إلى أنه منذ بداية هذا الاسبوع سقطت 4 ضحايا اثنين من قرية الرينة وآخر من الناصرة الرابع من منطقة الخليل، وجميعهم وأغلبية حوادث البناء نتيجة السقوط من علو او سقوط السواقل “منصات عمل” .
هذه الحوادث نتيجة إهمال وزارة العمل والمقاولين
وأشار إلى أن هذه الحوادث نتيجة إهمال وزارة العمل والمقاولين بعدم تخصيص عدد مراقبي عمل كافي لمراقبة أماكن العمل التي تعد اكثر من 13000 موقع في البلاد، وعدم تطبيق قانون الأمان والسلامة في العمل، وعدم ادخال السقايل حسب المواصفات الاروبية وادخال مراقب مختص في الأمان والسلامة في العملي كل ورشة بناء.
يطمحون بالبناء بأسرع وقت وبأرخص ثمن وأكبر ربح على حساب ارواح العمال
وخلص بالقول إن جشع حيتان رأس المال اللذين يطمحون بالبناء بأسرع وقت وبأرخص ثمن وأكبر ربح على حساب ارواح العمال اللذين يخرجون لجلب لقمة العيش لعائلاتهم، ويرجعون بأكفان الامر الذي لا يستوعبه العقل السليم، على وزارة العمل والحكومة واتحاد المقاولين تحمل المسؤولية عن هذه الجرائم الدامية.
وحدة “بيليس” لن تحقق في حوادث العمل!
وادعت الشرطة في ردها على طلب جمعية “عنوان العامل”، بموجب حرية المعلومات، “أن “الوحدة القطرية التي أقامتها الشرطة في نهاية عام 2018 (بيليس)” لن تحقق في حوادث العمل، وإنما في “أحداث ذات مميزات خاصة، مثل حوادث معقدة تتضمن انهيار بنى تحتية، أو تلك التي تتطلب معرفة وموارد كثيرة، وكل ذلك بناء على اعتبارات قيادة الوحدة”.
وقالت الشرطة إنها تحقق مع مخالفين لقوانين البناء، وبضمنهم شركات بناء ومقاولون يعملون في مواقع بشكل مخالف لشروط القانون، إضافة إلى البحث عن مجموعات تعمل في المخالفات التي تؤثر على مجال الأمان في فرع البناء، ما يعني أن الوحدة لن تكون الجهة الوحيدة المسؤولة عن معالجة حوادث العمل.
الوحدة عملت على ملف واحد فقط!
يشار إلى أن وحدة الشرطة “بيليس” أقيمت في نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بعد تأخير دام نحو سنتين ونصف، وذلك في إطار “الوحدة القطرية لمكافحة الجرائم الاقتصادية” داخل “لاهاف 433”.
وفي أواسط العام 2016 أوصى المدعي العام، شاي نيتسان، بإقامة هذه الوحدة في أعقاب قصورات خطيرة في التحقيق في حوادث العمل وتقديم عدد قليل من لوائح الاتهام بشأنها. وماطلت الحكومة في إقامة الوحدة، وألقت الوزارات الحكومية الواحدة على الأخرى المسؤولية عنها، رغم الانتقادات التي وجهها المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، بسبب التأخير في إقامتها.
ومنذ إقامة هذه الوحدة عملت على ملف واحد فقط ضد جهات تقوم بتفعيل قوى بشرية لوضع رافعات في مواقع البناء وتفعيلها. ولم ينته التحقيق بعد في القضية التي تتركز على مخالفات الاحتيال ومخالفات أمان مختلفة.
لا تزال في مراحل التشكيل!
كما تدعي الشرطة أن الوحدة، التي يفترض أن تضم 11 وظيفة من عناصر الشرطة، إضافة إلى 3 محققين من وزارة العمل، لا تزال في مراحل التشكيل، ولم يتم بعد تأهيل المناصب فيها، كما لم يتلقى المحققون التأهيلات المطلوبة للعمل.
“عنوان العامل”: الوحدة لا تنظر إلى حوادث العمل القاتلة!
وعقبت جمعية “عنوان العامل” على ذلك بالقول إن الوحدة المشار إليها قد أقيمت لوضع حد للإهمال المشين والفشل المدوي للشرطة في التحقيق في حوادث العمل، ولهذا السبب تم دمج محققين من مديرية الأمان لتزويدها بالمعرفة المهنية المطلوبة، ولكن يبدو أن الوحدة لا تنظر إلى حوادث العمل القاتلة التي تحصل يوميا، وإنما تبحث عن حوادث معقدة ومركبة.
وأضافت الجمعية أن عمل الوحدة في الشهور الأخيرة يعني أنها لن تحقق في الأمر الواضح أمام أعين الجميع، وهو إصابة وموت عمال في حوادث عمل يومية.
لن تفتح تحقيقا جنائيا في نحو ثلثي حوادث العمل!
يذكر في هذا السياق أنه في أيلول/ سبتمبر الفئت، أبلغت الحكومة، المحكمة العليا بأن الوحدة ستعمل فقط في الحوادث التي تنتهي بالوفاة أو بإصابات بالغة، ما يعني أنها لن تفتح تحقيقا جنائيا في نحو ثلثي حوادث العمل التي تنتهي بإصابات متوسطة.