“كي الوعي” مصطلح مستخدم في الحرب النفسية وعند المحللين والقادة الصهاينة، ويعني إلحاق الهزيمة النفسية بالطرف الآخر من خلال استخدام القوة والاجراءات التعسفية واعادة الحياة إلى الوراء، حيث يصبح الطرف الآخر يتمنى العودة إلى ما كان عليه قبل بداية الحرب أو المواجهة.
لا يحسب مصطلح “كيّ الوعي” مصطلحاً جديداً، لكونه يعمل به منذ القدم، لكن وسائله تتغيّر بحسب كلّ حقبة زمنية، إلا أنه غير منفصل عن مناهج الحرب الناعمة وهو طريقة من طرائق غسل الدماغ التي من خلالها تتغيّر أفكار الإنسان ومعتقداته، من منظور الجهة التي تشنّ الحرب على هذا العقل. وبالتالي تكون أمام تشكيل قناعات جديدة منحرفة كلياً عن الاتجاه الصحيح أو الهدف الأسمى. وأن يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على التفكير بعملية التغيير ، كما انه سوف يبث حالة من العجز وفقدان الإرادة، والشعور بتفوق الطرف الاخر مما يبث روحا من الإحباط والوصول إلى قناعة تامة، والإقرار بدون تردد بان الطرف الاخرغير قابل للهزيمة أو التراجع.
حرب الأدمغة أو كما أسماها موشيه يعلون “كي الوعي” إبان الانتفاضة الثانية حيث تستند هذه السياسة على نشر وترسيخ الأفكار المسمومة والانهزامية في الشارع الفلسطيني مرتبطة بسياسة العقاب الجماعي لمنطقة معينة بعد حدث معين، فيبدأ الناس في تداولها حتى درجة الإيمان بها وتحويلها إلى وصية أبوية أو نصيحة أخوية أو إلى رادع لمن يفكر في ذات الأمر، أو يمكن لنا القول إنها عملية استهداف للمجتمع بكم من الأفكار المتتابعة بهدف إجهاض أي عملٍ يهدف للتغيير في المستقبل.
وهناك من يرى أن اسرائيل تنتهج سياسية “كي الوعي” منذ قيام الدولة عام 1948، حيث ارتكبت اجهزتها جرائم بشعة من قتل جماعي وتهجير وهدم بلدات بأكملها، من أجل بث الخوف والرعب في صفوف الشعب الفلسطيني ودفعه للهجرة، وكانت النتيجة أن تحول مئات الآلاف منهم إلى لاجئين في الضفة وقطاع غزة أو في الشتات.
وعادة ما تكون هناك ماكينة إعلامية جبارة يقف وراءها المعني باستخدام سياسة كي الوعي لصناعة الهزيمة الداخلية في العقول والنفوس وتغيب الصورة الأخرى للشعب الذي يريد إحلال التغيير ، وكل ذلك بهدف إيصال الشعب لدرجة فقدانه ثقته بنفسه وبقياداته وبالعرب والمسلمين وبالعالم وبالمستقبل لتركيعه ودفعه للاستسلام حتى يقبل بأي حل يتم طرحه.
سياسة كي الوعي قوة ناعمة وجزء من حرب العقول وهدفها أن تكسر الإرادة الوطنية والثقة بالنفس حيث تفشل القوة العسكرية في تحقيق ذلك، ومن يقف وراء هذه السياسة يعلم أن إرادة الشعوب لا تنكسر بالهزيمة العسكرية فقط لأن الحرب كر وفر وموازين القوى غير ثابتة بل تنكسر الإرادة وتنهزم الشعوب عندما تفقد ثقتها بنفسها وبعدالة القضية التي تدافع عنها.
هنالك من يرى ان سياسة كي الوعي موجهة أيضا الى المجتمع الفلسطيني بالداخل (عرب48 ) حتى يومنا هذا اذ نرى في مجالات مختلفة تحاول مؤسسات دولة إسرائيل الحاق الياس بالمواطن ليكون غير قادرعلى مواجهة قراراتها حتى بالمحاكم فمثلا يوجد الكثير من المعلمين الذين يستحقون التوظيف والتعيين يجلسون ببيوتهم دون عمل ولا يقوموا بتقديم أي شكوى او أي اجراء قضائي لان سياسة كي الوعي رسخت بعقولهم بان الحل الوحيد للتعيين هو عن طريف المحسوبية او ما يسمى “الوساطة” .
مثل اخر هو ان يقوم عرب الداخل بالمطالبة بأبسط الأشياء كتعبيد شارع ببلدهم او إقامة محطة إطفاء او بناء مدرسة وعدم المطالبة باعلى من ذلك .
مثل اخر عدد سكان مدينة قلنسوة حوالي 25000 نسمة نرى بان مطلبهم الأساسي على مدار السنوات السابقة هو إقامة ملعب كرة قدم , بينما مدينة قلنسوة تستحق اكثر بكثير من ذلك .
واصبح المطلب الأساسي لسكان المثلث هو توسيع شارع 444 وما نراه على ارض الواقع بعض الاعمال البسيطة واستمرار المعناة اليومية للمواطنين .
مواجهة سياسة كي الوعي تكمن في عدة خطوات : أولا- على المستوى الشخصي القيام بالتفكير بسبل الانخراط بالمجتمع وان يكون الشخص عنصر فعال به . ثانيا- إقامة مجموعة من المفكرين والمختصين بجميع المجالات التي تخص المجتمع المدني (لوبي) ثالثا- افساح المجال للنقد الذاتي ومراقبة الاداء ومحاسبة التقصير . رابعا – الالتصاق بنبض الجماهير ومعاناتها وتطلعاتها .خامسا – عدم الانجرار وراء المكاسب السريعة والعلاقات السياسية التي تكون لها حاضنة تدعمها ماديا او مقابل المال . خامسا- التفريق بين الفرص المتاحة والفخاخ القاتلة . سادسا- اتاحة الفرص امام الشباب والشابات للمشاركة بعملية اتخاذ القرارات .
ان تقدم التكنولوجيا عامة ووسائل الاعلام خاصة بما في ذلك شبكات التواصل الاجتماعي هو فرصة للقيام بعمليات تغيير تهدف للنهوض بالمجتمع المدني والسياسي على حد سواء بحيث يكون للشباب دورا أساسيا لأحداث عملية التغيير.