إذا كان لكاميرات المراقبة بالأماكن العامة والخاصة، دور أمني بالدرجة الأولى، فإنها تسببت في مآس اجتماعية بعد أن تجسست على الحياة الخاصة وانتهكت خصوصيات العديد من المواطنين، وصاروا موضوع أشرطة فيديو على برامج التواصل الإجتماعية، فيما ساهم الفراغ القانوني في مسألة وضع كاميرات المراقبة بإنتشارها بشكل مخيف وصل إلى حد الفوضى والتسيب، ووضع اصحابها محل تهديد!.
يجيز استخدام كاميرات المراقبة في الأماكن العامة، بهدف تأمين ممتلكات الأشخاص، والعمال في أماكن العمل، ويحدد مدة الاحتفاظ بالتسجيلات وهوية المسؤول عن معالجة المعطيات، كما ويطرح إشكالا آخر في حال وقوع جريمة ما، يتعلق بحق الضحية أو الجميع في الاطلاع على فحوى الفيديوهات التي سجلتها هذه الكاميرات، أم أن الأمر يقتصر فقط على كل من يحمل الصفة الضبطية!.
وفي ظل الواقع السائد في المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني، ومع انتشار آفة العنف الجريمة، وتقاعس الشرطة، في حفظ الأمن والأمان، يرى البعض وخاصة أصحاب المصالح التجارية أن كاميرات المراقبة أداة قد تسهم في ردع المجرمين ومنعهم من تنفيذ جرائمهم نوعا ما، وإن كانت لا تمنعها كليا، لكنها تمنح أيضا شعورا إلى حد ما، بالأمان والطمأنينة، لدى المواطنين!.
ناهيك عن ان العيون الألكترونية، أصبحت منتشرة وبكثرة في جميع الأروقة والمحال التجارية والمؤسسات العامة والمنازل، فقد أمست معيارا مهما في اي مؤسسة تحترم نفسها، فغالبية المؤسسات استغنت عن الخفراء واخذت الكاميرات بديلا للمراقبة في فترات الليل، الأمر الذي أدى لتوليد إشكال فيما إذا كانت الكاميرات وسيلة ضرورية لحفظ الأمن والأمان ام انها انتهاك صارخ لخصوصية الفرد!.
ويقول البعض من المواطنين إن وسيلة استخدام كاميرات المراقبة في هذه الأيام، من الأمور الضرورية والتي تساعد كثيرا في تقليل خطورة الجريمة، ومساعدة رجال الشرطة في الكشف عنها بأسرع وقت، بينما يرى البعض الأخر انها انتهاك للحرية الشخصية للفرد، فيما يرى البعض الأخر انها تهديدا مباشرا لمالكيها، في حال وقعت جريمة وتحرزت الشرطة على سجلات كاميرات المراقبة، إذ قد يقع أصحابها عرضة لتهديد مرتكبي الجرائم، فيما لو عرفوا انهم سلموا للأجهزة الأمنية تلك التسجيلات.
ونرى في هذه الأيام أن عناصر الشرطة يسارعون في حال وقوع جريمة إلى البحث عن كاميرات مراقبة في مسرحها، توثق الجريمة، ويتحرز المحققون عليها، لتحديد هوية مرتبكي الجريمة، الذي قد يسهم في فكك رموز الجريمة، والقبض على الجناة، والتي غالبا لا تفي بالغرض، ويبقى المجرمون طلقاء، وسرعان ما تنتشر على مواقع التواصل الإجتماعية، ووسائل الإعلام، ضاربين عرض الحائط بالنتائج التي قد يتكبدها مالك الكاميرا، والتي تبلغ التهديد في بعض الأحيان، التهديد من العصابات ومرتكبي هذه الجرائم.
ويقول مواطن من مدينة الطيبة، الذي وقعت جريمة إطلاق نار قبالة منزله، لموقع “الطيبة نت”، إن أفراد الشرطة وصلوا إلى منزله، وطالبوه بتصفح سجلات الكاميرا الخاصة به، ومن ثم تحرزوا على سجلات الكاميرا.
وقال إنه بعد وقت قصير، تفاجأ بأن تسجيلات الكاميرا التي حصلت عليها الشرطة، نشرت بسرعة وبشكل كبير في وسائل إعلام مختلفة، وانتشرت على مواقع التواصل الإجتماعية لدى مواطنين عاديين.
وأشار إلى انه لحظة مشاهدته هذه المقاطع، انتابه شعور بالخوف، قائلا :” لم يكن أمامي اي خيار غير ان اسمح للشرطة بالإطلاع على سجلات كاميرا المراقبة، ولم أكن اعلم أن هذه المقاطع ستنشر بتاتا وبهذه السرعة”، مضيفا أن ” لحظتما رأيتها إنتابني شعور بالخوف على نفسي واسرتي واقرابي، من نتائج لا تحمد عقباها، من أن يتهددنا مرتكبي هذه الجريمة، كون كاميرا المراقبة الخاصة بنا توثق الجريمة”.
وتساءل المواطن، كيف للشرطة أن تنشر هذه المقاطع، على غرار مقاطع أخر نشرت توثق جرائم مختلفة، دون التنبه إلى ما قد يضعني أو يضع غيري من اصحاب كاميرات المراقبة، في موضع تهديد، قد يكلفنا حياتنا، وحياة أفراد عائلاتنا!.