عدالة: إسرائيل تطرد محاضِرين أجانب من الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية
جامعة بيرزيت ومركز عدالة ومؤسسة الحق معركة، تدرس وضع حدّ لتصعيد السياسة التمييزية الإسرائيلية التي تستهدف منع الأكاديميين الأجانب من دخول البلاد ورفض تجديد التأشيرات الممنوحة للعاملين بعقود تدريس.
تخوض جامعة بيرزيت ومركز عدالة ومؤسسة الحق معركة، في هذه الآونة، وضع حدّ لتصعيد السياسة التمييزية الإسرائيلية التي تستهدف منع الأكاديميين الأجانب من دخول البلاد ورفض تجديد التأشيرات الممنوحة للعاملين بعقود تدريس.
وجاء في بيان صادر عن مركز عدالة، “أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية، ترفض إصدار تصاريح عمل للأكاديميين الأجانب الذين يعملون في الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، وتصعد في سياستها القاسية في منح التأشيرات، مما يجبرهم على الانقطاع عن طلبتهم ومغادرة البلاد. وتترك الأنظمة الإسرائيلية التي تتسم بضبابيّتها وتعسُّفها المحاضِرين الأجانب وأُسَرهم في حالة دائمة من انعدام اليقين وتجعلهم عُرضة للإبعاد في أي وقت من الأوقات”.
وأضاف البيان: “في هذه الآونة، تعكف جامعة فلسطينية في الضفة الغربية، إلى جانب منظمتين فلسطينيين من منظمات حقوق الإنسان، على اتّخاذ إجراء قانوني. فعقب ثلاثة أعوام أكاديمية متتالية كثّفت خلالها إسرائيل مساعيها التي ترمي إلى إجبار المحاضرين الأجانب على مغادرة البلاد من خلال المماطلة في تجديد تأشيرات الإقامة أو عدم تجديدها، تطالب جامعة بيرزيت ومؤسسة الحق ومركز عدالة القانوني بوضع حدّ لهذه السياسة التي تستهدف الحرية الأكاديمية الفلسطينية وعزل مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية على الفور. وتأكيد ضمان قدرة جامعة بيرزيت – على الرغم من أنها تزاول عملها تحت نير الاحتلال العسكري طويل الأمد – على ممارسة حقها في حرية التعليم.
وطالبت جامعة بيرزيت ومؤسسة الحق ومركز عدالة، في خطاب أرسلته في يوم 30 نيسان/ أبريل 2019 إلى وزير الداخلية الإسرائيلي، أرييه درعي، والمستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، والنائب العام الجنرال، شارون آفيك، ومنسق أعمال حكومة الاحتلال في المناطق المحتلة بالجيش الإسرائيلي، كميل أبو ركن:
– برفع القيود التي تحُول دون إقامة الأكاديميين الأجانب الذين توظّفهم جامعة بيرزيت في الضفة الغربية والعمل فيها ومنحهم التأشيرات المطلوبة.
– الامتناع عن فرض قيود تعسّفية على فترة إقامة الأكاديميين الأجانب أو على تمديدها.
– نشر إجراءات واضحة وقانونية بشأن إصدار تأشيرات الدخول وتصاريح العمل للأكاديميين الأجانب في الضفة الغربية، بحيث تتيح للجامعة أن تدير حريتها الأكاديمية وتحتفظ بها.”
وواصل البيان: “بينما يمكن فقط للسلطات الإسرائيلية تقديم إحصائيات كاملة مع مرور الزمن، إلاّ أنه وبحلول عام 2017، أكدت مجموعة متعددة من المصادر تصعيدًا في رفض إسرائيل تجديد تمديد التأشيرات بالإضافة إلى مجموعة من الشروط الأخرى. إذ تشير حملة الحق في الدخول، التي راقبت مسألة إجراءات الدخول والتأشيرة للمواطنين الأجانب لأكثر من عقد من الزمان، إلى تصعيد واضح في حالات رفض طلبات تمديد التأشيرة وتشديد القيود منذ منتصف عام 2016 على الأقل.
على سبيل المثال، أبلغ معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، التابع لمجلس أمناء جامعة بيرزيت، عن زيادة بنسبة 200 في المائة في حالات رفض التأشيرة على مدار العامين الأكاديميين وحدهما. وفي العام الدراسي 2017-2018، تم رفض تمديد التأشيرات أو الدخول على الحدود لأربعة من أعضاء هيئة التدريس الدوليين من ضمن 20 عضواً، وفي 2018-2019، تم رفض ثمانية من أعضاء هيئة التدريس الدولية من ضمن 19 عضواً بعدم تمديد التأشيرة أو الدخول.
وفي الفترة الواقعة بين العامين 2017 و2019، أُجبِر أربعة محاضرين أجانب ممّن كانوا يعملون بدوام كامل في جامعة بيرزيت وثلاثة ممّن كانوا يعملون بدوام جزئي على مغادرة البلاد، وما عاد في وُسعهم مواصلة عملهم في التدريس فيها لأن سلطات الاحتلال الإسرائيلية رفضت تجديد تأشيراتهم. وفي العام 2019، منعت إسرائيل أكاديمييْن أجنبييْن كانا يرتبطان بعقديْ عمل مع جامعة بيرزيت من دخول البلاد. ولم يجرِ إصدار تأشيرات لأي عضو من أعضاء هيئة التدريس الأجانب، باستثناء العاملين بشكل مباشر في البرامج التي ترعاها حكومات أجنبية، طيلة فترة عقودهم مع الجامعة خلال العام الأكاديمي 2018-2019″.
وحتى وقت صدور هذا البيان الصحافي، لا يزال ستة محاضرين أجانب يعملون بدوام كامل وجرى التعاقد معهم للتدريس خلال العام الأكاديمي 2018-2019 دون تأشيرات سارية المفعول، وخمسة آخرون – بمن فيهم رئيسة دائرة – موجودون خارج البلاد دون أي مؤشرات واضحة على ما إذا كانوا سيتمكّنون من العودة والحصول على التأشيرات التي يُشترط حصولهم عليها للإقامة في البلاد خلال العام الأكاديمي المقبل. وتواجه أكثر من 12 دائرة وبرنامجًا فقدان أعضاء هيئاتها التدريسية خلال العام الأكاديمي القادم بسبب هذه السياسة الإسرائيلية المخالفة للقانون الدولي.
وقال رئيس جامعة بيرزيت، عبد اللطيف أبو حجلة: “إن حرماننا من حقنا في توظيف الأكاديميين الأجانب يشكّل جانبًا من المساعي التي لا يفتأ الاحتلال الإسرائيلي يبذلها في سبيل تهميش مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية. وليس التصعيد الأخير الذي يشهد فرض القيود على التأشيرات سوى جانب من سياسة إسرائيلية ثابتة وممنهجة تستهدف تقويض استقلال مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية وقدرتها على البقاء”.
وتابع البيان: “إن جامعة بيرزيت ليست وحدها في هذا المضمار. فهذه السياسة الإسرائيلية تُلحِق الضرر بالجامعات في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقد خلصت دراسة نشرتها وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية في شهر شباط/ فبراير 2018 إلى أن ما يربو على نصف المحاضرين والموظفين الأجانب (32 من أصل 64 محاضِرًا وموظفًا) في ثماني جامعات عانوا ضررًا جسيمًا خلال العامين المنصرمين بسبب رفض إسرائيل للطلبات التي قدّموها للحصول على تأشيرات جديدة أو تمديد تأشيراتهم، أو بسبب رفض السماح لهم بدخول الضفة الغربية. وعدد ليس بالقليل من هؤلاء الأكاديميين فلسطينيون يحملون جوازات سفر أجنبية ومواطنون من رعايا دول مختلفة، بما فيها هولندا وفرنسا وألمانيا والهند والأردن، كما ينحدر معظمهم من الولايات المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وعلى مدى العامين الماضيين، لم تنفكّ إسرائيل تشدّد من وطأة القيود التي تفرضها على منح التأشيرات للأكاديميين الأجانب، بما تشمله هذه القيود من الحرمان من دخول الضفة الغربية، ورفض طلبات تمديد تأشيراتهم، وتأخير النظر في طلبات تمديد التأشيرات إلى ما بعد انتهاء فترة سريان هذه التأشيرات، ومنح التأشيرات لفترات وجيزة على أساس تعسفي، بحيث تتراوح في بعض الأحيان من أسبوعين إلى ثلاثة أشهر فقط، وحصر التأشيرات في دخول الضفة الغربية دون غيرها، والسماح بالدخول والخروج عبر معبر الكرامة (جسر ألنبي) فقط، بدلًا من المرور من خلال مطار اللد (بن-غوريون)، والشروط التي تقضي بإيداع مبالغ ضخمة كضمانات، والتي تصل في بعض الحالات إلى 80,000 شيكل (ما يعادل 23,300 دولار).
ودون تصاريح العمل التي تصدرها إسرائيل ومع غياب الوسائل الواضحة التي تيسّر الحصول على التأشيرات اللازمة لدخول البلاد والإقامة فيها، لا يملك الأكاديميون الأجانب أي ضمانات تكفل لهم السفر إلى الجامعات الفلسطينية التي تتعاقد معهم، أو الإقامة في الأرض الفلسطينية المحتلة طيلة مدة عقودهم الأكاديمية، أو العودة إليها في حال سفرهم إلى الخارج لأسباب أكاديمية أو شخصية.
وتفرِز هذه القيود الإسرائيلية آثارًا وخِيمة على جامعة بيرزيت وطلبتها، وعلى المواطنين الفلسطينيين بعمومهم، حيث تُفضي إلى عزل الجامعة عن المؤسسات التعليمية الأخرى في جميع أنحاء العالم وتتسبّب في الانتقاص من جودة التعليم الذي تقدّمه لأبناء الشعب الفلسطيني المكفول لهم في القانون الدولي ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.
وبحسب ما جاء في البيان: “صُنِّفت جامعة بيرزيت، في ترتيب كواكواريلي سيموندس (QS) للجامعات العالمية الصادر في العام 2019، ضمن أفضل 3 في المائة من جامعات العالم. ومع ذلك، يستند هذا التصنيف إلى عدد من المؤشرات المهمة – بما فيها نسبة أعضاء هيئات التدريس الأجانب والطلبة الأجانب – الذين تستهدفهم إسرائيل في هذه الآونة. وبذلك، فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلية تعوق قدرة الجامعة على مزاولة عملها باعتبارها جامعة تستوفي المعايير الدولية من خلال منعها من توظيف طاقم دولي من المحاضرين فيها.
وتشكّل السياسة الإسرائيلية التي تستهدف الأكاديميين الأجانب مخالفةً للقانون الإسرائيلي والقانون الدولي معًا. فهذه السياسة تنتهك حرية الجامعات في توسيع مجالات الأبحاث التي تُجريها والدراسات التي تطرحها للطلبة الفلسطينيين والأجانب على حدّ سواء. وبذلك، تحُول إسرائيل بين السكان الفلسطينيين القابعين تحت نير الاحتلال وبين تحديد نوع التعليم الذي يريدون طرحه لأنفسهم” كما جاء.
واختتم البيان: “تعرقل السياسة الإسرائيلية دون شك الحق الدستوري للمواطنين الفلسطينيين على السواء في جودة ونوعية التعليم، باعتباره حقٌ دستوريٌ مكفولٌ لكل مواطن فلسطيني بموجب القانون الأساسي الفلسطيني الذي أكد في المادة (24) على حق كل مواطن في التعليم وأن يكفل القانون استقلالية الجامعات ومراكز البحث العلمي ويضمن حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والثقافي والفني. وقالت سوسن زهر، نائبة المدير العام لمركز عدالة، والتي صاغت الخطاب الذي أُرسِل إلى السلطات الإسرائيلية: “للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة – شأنهم شأن جميع الشعوب الأخرى في جميع أنحاء العالم – الحق في ممارسة حقهم في الحرية الأكاديمية والتعليم النوعي في سياق حقهم في تقرير مصيرهم. ولا يمكن للاحتلال العسكري الإسرائيلي طويل الأمد أن يمنع الفلسطينيين من ممارسة هذا الحق”. وفي الواقع، ووفقًا للتفسير الذي ينطبق على المادة (43) من لائحة لاهاي لسنة 1907، لا تُنقل السيادة على التعليم من سلطة إلى أخرى – بل هي غير قابلة للتصرّف – وينبغي أن تبقى في حوزة السكان الفلسطينيين القابعين تحت الاحتلال”.