قبل 26 عامًا، تم التوقيع في واشنطن على اتفاق أوسلو ما بين إسرائيل ومنظمة التحرير، رغم رفضه من قبل بعض الفصائل الفلسطينية، ومن بينها حركة حماس.
وأبرم الاتفاق عن حكومة إسرائيل، وزير خارجيتها آنذاك شمعون بيريز، وعن الوفد الفلسطيني، محمود عباس، وبحضور الشاهدين، الولايات المتحدة والفدرالية الروسية، “إعلان مبادئ حول ترتيبات الحكومة الذاتية الانتقالية”، وتؤدي إلى تسوية نهائية مبنية على أساس قراري مجلس الأمن 242 و 338، تخلله التأكيد على أن “هدف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية من بين أمور أخرى إقامة سلطة حكومية ذاتية انتقالية”، كانت تسوق كمرحلة انتقالية من خمس سنوات، على أمل أن ينتهي الحال بقيام دولة فلسطينية مستقلة في العام 1999.
وفي النص، اعتبرت الاتفاقية “الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة ترابية واحدة، يجب المحافظة على وحدتها وسلامتها خلال الفترة الانتقالية”.
ما جرى بعد ربع قرن؟
مهد تقسيم الضفة الغربية المحتلة بموجب ما تُعرف باتفاقية “أوسلو 2″ إلى توسيع الاستيطان في المنطقة الأكبر مساحة والمصنفة (ج)، وصولًا إلى استعدادات حكومة الاحتلال الإسرائيلي لـ”ضمها” بدعم أمريكي.
ونصت الاتفاقية التي وقعت في واشنطن سنة 1995 على تقسيم الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق غير متجاورة: (أ)، و(ب)، و(ج).
وحينئذٍ شكلت المنطقة (أ) نحو 3% من أراضي الضفة الغربية، وتوسعت لاحقًا لتصل إلى 18% عام 1999، وتسلمت السلطة معظم شؤون هذه المنطقة.
وضمت المنطقة (ب) قرابة 21% من أراضي الضفة الغربية، وتسلمت السلطة شؤون التعليم والصحة والاقتصاد فيها، في حين حصل الاحتلال على السلطة الكاملة للشؤون الأمنية في هاتين المنطقتين، وهو ما يعني تمكين قوات الاحتلال من دخولهما في أي وقت كان، لتنفيذ عمليات اعتقال أو حتى اغتيال.
وتضم المنطقة (ج) أكثر من 60% من أراضي الضفة الغربية، وكان من المفترض أن تتسلم السلطة شؤون هذه المنطقة، لكن فعليًا، تتحكم سلطات الاحتلال بجميع شؤونها، بما فيها الشؤون الأمنية والتخطيط العمراني والبناء.
عدد المستوطنين تضاعف 7 مرات منذ التوقيع!
وكشفت إحصاءات فلسطينية عن أن عدد المستوطنين تضاعف في الضفة الغربية سبع مرات منذ التوقيع على اتفاقيات أوسلو سنة 1993، وأن وتيرة الاستيطان ارتفعت ضمن اتفاقيات التسوية أكثر منها خلال الحروب.
ووفقًا لتقرير أصدره المكتب الوطني للدفاع عن الأرض، الشهر الجاري، شهدت الضفة الغربية تمددًا استيطانيًّا لا يتوقف، حتى تجاوز عدد المستوطنات 158 مستوطنة، عدا عن مئات البؤر الاستيطانية، التي أخذت حكومة الاحتلال على عاتقها “شرعنتها”.
وتوزعت المستوطنات على محافظات الضفة الغربية فكان عددها، في القدس 24، وفي رام الله 30، والخليل 21، وبيت لحم 15، وأريحا والأغوار 16، وطوباس 8، وجنين 6، ونابلس 12، وسلفيت 15، وقلقيلية 8، وطولكرم 3.
وتجاوز عدد المستوطنين 750 ألف مستوطن، يتوزعون في القدس ومحيطها بواقع 250 ألف مستوطن، و500 ألف مستوطن في بقية محافظات الضفة الغربية، وفق التقرير ذاته.
لم تنتزع إي حق!
ولم تنتزع السلطة الفلسطينية طوال عقود من المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي أي حق للشعب الفلسطيني، حتى أعلنت وقف المفاوضات مع الاحتلال في إبريل عام 2014، بعد رفض الاحتلال وقف الاستيطان والقبول بحل الدولتين والإفراج عن أسرى فلسطينيين في سجونه، إلا أنها مستمرة في التنسيق الأمني مع الكيان الإسرائيلي.
إعلان بنيامين نتنياهو، الأربعاء الماضي، عن نيته ضمّ الأغوار، وبقية الكتل الاستعمارية، يعني عملياً، أن جدار الفصل العنصري، الممول من دافعي الضرائب الأميركيين، بمساعدات سنوية، رغم قرار محكمة لاهاي ببطلانه في 2004، هو تثبيت عملي لدولة الفصل العنصرية هذه، وتسويق ما تفرضه على أنه لدواع أمنية، ومن أجل “سلام دائم”.