بهاء أبو العطا، أحد ثلاثة في رأس قائمة “إسرائيل” للاغتيالات؟
كبار مسؤولي الأمن الإسرائيليين يحذرون من أن “إسرائيل” تواجه عاصفة إيرانية تقترب من حدودها. لكن من هم هؤلاء الرجال الذين يقفون وراء العاصفة؟ وماذا فعلت “إسرائيل” لإيقافهم؟
نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” قبل أسبوعين تقريراً كتبته آنا أهرون-حاييم تناولت فيه من قالت إنهم الشخصيات الذين حذر أعلى ضابط عسكري في “إسرائيل” من أنهم “أعداء متعددون على جبهات متعددة”، وهم اللواء قاسم سليماني، قائد لواء القدس” في “حرس الثورة الإسلامية” الإيراني، وأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، وقائد المنطقة الشمالية في “سرايا القدس” في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الشهيد بهاء أبو العطا، الذي اغتالته قوات الاحتلال اليوم في غارة عدوانية على منزله في غزة، أسفرت عن استشهاد زوجته أيضاً.
والآتي ترجمة النص الكامل لتقرير “جيروزاليم بوست” مع تحفظنا على بعض العبارات التي تصف المقاومة وقادتها بالإرهاب:
حذر كبار مسؤولي الأمن الإسرائيليين من أن “إسرائيل” تواجه عاصفة إيرانية تقترب من حدودها. لكن من هم هؤلاء الرجال الذين يقفون وراء العاصفة؟ وماذا فعلت “إسرائيل” لإيقافهم؟
1-قاسم سليماني
ولد قاسم سليماني عام 1957 في مقاطعة كرمان الإيرانية، وانضم إلى “حرس الثورة الإسلامية” الإيراني في عام 1979 وترقى بسرعة، حيث رُقي في الرتب خلال الحرب الإيرانية-العراقية في ثمانينات القرن العشرين لقيادة الفرقة 41 بينما كان لا يزال في العشرينات من عمره .
وبعدما اعتبر سليماني عبقرياً عسكرياً، عُيِّن قائداً في حرس الثورة الإيراني في عام 1997. وحتى بضع سنوات، ظل غير معروف للعامة. لكنه كان مشغولاً: في التسعينات، كان مسؤولاً عن جهود إيران المناهضة لحركة طالبان في أفغانستان، وعن تنظيم الميليشيات الشيعية العراقية في أعقاب سقوط صدام حسين في عام 2003. وفي الآونة الأخيرة، أنقذ نظام بشار الأسد في سوريا.
وباعتباره رأس الأفعى، فقد حدد المسؤولون العسكريون الإسرائيليون سليماني باعتباره العدو رقم 1 المسؤول عن ترسيخ إيران المستمر في سوريا ودعمها المستمر لمشروع حزب الله للصواريخ الدقيقة.
وقال مصدر عسكري إسرائيلي رفيع المستوى في آب / أغسطس: “أهدافنا الثلاثة لها عنوان واحد – إيران”، مضيفاً أن سليماني هو عنوان اثنين من التهديدات الثلاثة. وبينما رفض المصدر الإجابة على كيفية تعامل “إسرائيل” مع التهديد، فإن سليماني كان، وفقاً لتقارير أجنبية، هدفاً للعديد من مؤامرات الاغتيال الإسرائيلية في الماضي.
في أكتوبر / تشرين الأول الماضي، قالت طهران إنها أحبطت مؤامرة عربية-إسرائيلية لقتل سليماني بزراعة متفجرة تزن بين 350 و500 كيلوغرام في قاعة تستخدم في احتفالات إحياء ذكرى عاشوراء في مسقط رأسه في مقاطعة كرمان.
قبل ذلك بأيام، زعم سليماني أنه وزعيم حزب الله (السيد) حسن نصر الله نجيا من محاولة اغتيال إسرائيلية في بيروت خلال حرب لبنان الثانية في عام 2006. وقال سليماني، الذي قال إنه قضى كامل الحرب التي دام 34 يوماً في لبنان، إنه دخل البلاد من سوريا مع عماد مغنية، أحد كبار قادة حزب الله الذي اغتيل في عام 2008 في هجوم نسب إلى “إسرائيل” ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.
وقال سليماني، خلال مقابلة نادرة تم عرضها على التلفزيون الإيراني: “كانت طائرات التجسس الإسرائيلية تحلق باستمرار فوق الضاحية معقل حزب الله في جنوب بيروت. وقال إنه في إحدى الليالي، شعر هو ومغنية بالحاجة إلى إخلاء (السيد) نصر الله من غرفة عمليات الجماعة ونقلوه إلى مبنى آخر. بعد فترة وجيزة من وصولهم إلى هناك، قصفت غارتان جويتان إسرائيليتان مكاناً قريباً.
وأضاف: “كنا نشعر أن هاتين الضربتين سيتبعهما هجوم ثالث وشيك … لذلك قررنا الخروج من هذا المبنى. م يكن لدينا سيارة، وكان هناك صمت تام، فقط طائرات النظام الإسرائيلي تحلق فوق الضاحية.”
مثل قطة بتسع أرواح، نجا سليماني أيضاً من العملية التي قتلت مغنية في عام 2008. فقد نقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية عن مسؤول أميركي سابق في عام 2015 قوله: “في وقت ما، كان الرجلان يقفان هناك، في نفس المكان، في نفس الشارع. كل ما كان عليهم القيام به هو الضغط على زر. لكن العملاء كانوا مخوّلين فقط بقتل مغنية”.
بينما نجا سليماني حتى الآن من غضب “إسرائيل” المزعوم، فإن سعيه لإبادة “إسرائيل” ربما يضعه في مفترق طرق الجيش الإسرائيلي.
2- السيد حسن نصر الله
الأمين العام لحزب الله (السيد) حسن نصر الله هو ثاني أكثر إرهابيين مطلوبين في إسرائيل. من مواليد 1960 في الضواحي الشرقية لبيروت، زانضم إلى حزب الله بعد الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، وأصبح قائد الجماعة في عام 1992 بعد اغتيال (الأمين العام السابق السيد) عباس الموسوي.
“لقد تحول حزب الله في لبنان تحت قيادة نصر الله، ليصبح الحزب السياسي الأكثر هيمنة في البلاد وحركة اجتماعية كبرى للطائفة الشيعية. وفي ظل نصر الله، تطور حزب الله من ميليشيا وجماعة إرهابية إلى جيش إرهابي قادر على إلحاق أضرار جسيمة بإسرائيل”.
قُتل المئات في هجمات في جميع أنحاء العالم على أيدي جماعة حزب الله الشيعية، وقتل الآلاف في المواجهات العسكرية العديدة بين “إسرائيل” وحزب الله على مر السنين.
في يوليو / تموز الماضي، في الذكرى الثالثة عشر لحرب لبنان الثانية، حذر نصر الله من أن “أي حرب ستكون أكبر من حرب 2006 بالنسبة لإسرائيل، وستضعها على حافة الزوال”.
وقال نصر الله، في مقابلة مع قناة المنار، إنه ستكون هناك “مفاجآت على الأرض، في الجو وفي البحر” في الحرب القادمة بين العدوين، مضيفاً أن حزبه “لديه أسلحة لتغيير اللعبة، بما في ذلك الصواريخ الدقيقة وطائرات بدون طيار، وأن 70 كيلومتراً من الساحل الإسرائيلي يبدأ من نتانيا وينتهي في أشدود تحت نيران المقاومة “.
منذ حرب لبنان الثانية عام 2006، أعاد حزب الله بناء ترسانته بحوالى 130،000 صاروخ قصير المدى وعدة آلاف من الصواريخ التي يمكن أن تصل إلى وسط “إسرائيل” (فلسطين المحتلة). ووفقاً لبعض المحللين الإسرائيليين، فإن الحرب المقبلة مع حزب الله قد تشهد ما بين 1500 و2000 صاروخ يتم إطلاقها على “إسرائيل” يومياً، مقارنةً بما يتراوح بين 150 و180 صاروخاً أطلقت يومياً خلال حرب لبنان الثانية. وبمساعدة إيران، يعمل الحزب على مشروع صاروخي دقيق منذ عام 2013، ويحاول بناء مصانع لإنتاج صواريخ دقيقة في جنوب لبنان وبيروت ووادي البقاع تحت إشراف كبار الضباط الإيرانيين. وعلى الرغم من حملة “إسرائيل” المستمرة التي تدعى “الحرب بين حربين” لتعطيل المشروع، فقد أنتج حزب الله عدداً من الصواريخ الدقيقة.
بالإضافة إلى إعادة بناء ترسانته، اكتسب نحو 40 ألف جندي من حزب الله خبرة كبيرة في ميدان القتال يقاتلون من أجل الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية التي استمرت ثمانية أعوام في ذلك البلد.
وكما قد يكون سليماني، يمكن أن يكون نصر الله على قائمة “إسرائيل” للاغتيالات وقد نجا من محاولات الاغتيال التي ألقيت باللوم فيها على الدولة اليهودية – مرة واحدة بضربة جوية، ومرة بالسموم ومرة بضربة صاروخية. يعرف نصر الله أنه هدف، وعلى مدى السنوات الـ13 الماضية، كان يعيش في مخبأ عميق أسفل معقل الحزب في الضاحية.
3- بهاء أبو العطا
يعتبر بهاء أبو العطا، رئيس “سرايا القدس” في حركة الجهاد الإسلامي في غزة، أحد كبار الإرهابيين في الجيب الساحلي المحاصر. بينما حركة “حماس” وهي الحزب الحاكم في قطاع غزة، قد فقدت في السنوات الأخيرة السيطرة على الشارع، فإنوالفراغ يملأه أبو العطا، الرجل الرئيسي لطهران في غزة.
في حين أن حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين هي حركة جهادية سنية، إلا أنها مدعومة من إيران، التي توجّه الحركة من خلال رئيسها زياد نخالة الذي يقيم في دمشق.
شارك أبو العطا في التخطيط لهجمات ضد “إسرائيل”، وفي صنع أسلحة، وتحسين قدرات إطلاق الصواريخ بعيدة المدى. و”الجهاد الإسلامي” هي ثاني أكبر فصيل في قطاع غزة بعد “حماس”، تم تقييمها من قبل المخابرات العسكرية الإسرائيلية كعامل يزيد من خطر التصعيد في الجيب الساحلي المحاصر، لأنها ليس تحت السيطرة المباشرة لحماس وتتصرف بشكل مستقل من أجل مصالحها الخاصة.
وقد تم تحديد أبو العطا من قبل الجيش الإسرائيلي بأنه أمر بإطلاق الصواريخ باتجاه جنوب “إسرائيل” (فلسطين المحتلة) في نيسان / أبريل الماضي. ووفقاً للجيش الإسرائيلي، تحاول “الجهاد الإسلامي في فلسطين” تحت قيادته شن هجمات منخفضة المستوى والحفاظ على مستوى منخفض حتى لا تكتشف “حماس” طموحها في تقويض وقف إطلاق النار على المدى الطويل بين “حماس” و”إسرائيل”.
وقال الناطق السابق باسم الجيش الإسرائيلي العميد المتقاعد رونين مانليس في ذلك الوقت: “هناك العشرات من البلدان حول العالم تحاول تحسين الوضع الإنساني في القطاع، ولكن في الوقت نفسه، هناك رجل واحد داخل غزة ورجل خارج القطاع يحاولان نسف ذلك”.
لم تعد “حماس” اليوم تشكل التهديد الأول في قطاع غزة. حركة “الجهاد الإسلامي في فلسطين” مسؤولة عن العديد من الهجمات العنيفة على قوات الجيش الإسرائيلي خلال تظاهرات مسيرة العودة الكبرى على طول السياج الحدودي لغزة، بما في ذلك أول قتل لجندي إسرائيلي على طول الحدود مع غزة منذ عملية “السور الواقي” في عام 2014 عندما تم قنص الرقيب أفيف ليفي تم على يد قناص بالقرب من كيبوتس كيسوفيم.
وأصيب جندي آخر بنيران قناص في المنطقة بعد أقل من أسبوع من مقتل ليفي. وفي أواخر شهر كانون الثاني / يناير 2019، أصيب ضابط في الجيش الإسرائيلي بجروح طفيفة في نفس المنطقة بعد أن أصيبت خوذته بنيران قناص على طول السياج الأمني في قطاع غزة، في هجوم أعلنت “الجهاد الإسلامي في فلسطين” مسؤوليتها عنه.
مثل سليماني ونصر الله، ربما يكون أبو العطا الآن في مرمى الجيش الإسرائيلي. لقد نجا هو الآخر من عدة محاولات اغتيال، بما في ذلك خلال “عملية عمود الدفاع” في عام 2012. بينما يواصل الجيش الإسرائيلي تحميل “حماس” المسؤولية عن كل ما يحدث في القطاع، سيأتي الانتقام من “الجهاد الإسلامي” في يوم ما.
ترجمة: هيثم مزاحم – الميادين نت