لو تخيلنا ان هناك خطا سياسيا وسطيا في إسرائيل، وعلى جانبيه يتوزع اليمين واليسار الإسرائيلي…من المتطرف البعيد عن هذا الخط الوسطي الى العقلاني الذي يقترب أكثر فأكثر منه…لوجدنا ان “التجمع” المستهدف على الدوام، يقف الى يسار الخط الوهمي، وهو أقرب اليه من “كاحول لافان” الواقف على جانبه الآخر، على يمينه، بل ان التجمع أقرب الى خط الوسطية من حزب “العمل” حتى.
ولكن يبدو ان الخط الوسطي الوهمي الذي اتحدث عنه لا اعتبار له على الخارطة السياسية، وان المنظومة الإسرائيلية برمتها تتبع معايير أخرى في رصد موقع كل فصيل سياسي او حتى شخص بعينه لتقرر إن كان متطرفا ام معتدلا… انه العنصر “القومي”… ولهذا لا غرابة في أن التعامل معنا أولا وأخيرا يمر عبر غربال قومي يميز موسى عن موشيه، وإبراهيم عن افراهام، لا لشيء سوى لوقاحة عنصرية تفضل اليهودي على العربي في هذه البلاد.
فبعد ان منعنا القانون من التضامن حتى بالمشاعر مع أبناء شعبنا، وبعد ان منعنا حق اعتبار هذه البلاد وطنا لنا، صار التصدي للظلم جريمة! عليك ان تبارك اغتيال سمير القنطار حتى تبدو طبيعيا في هذه الدولة…وعليك ان تتغني بيهودية الدولة حتى يقبلك مجتمعها… وعليك ان تسبح بحمد السلطات عليك لأن اخوتك في الدول العربية يعيشون المرّ في ظل الأنظمة العربية.
هذه المعاملة الرسمية، التي تتيح لأبن منهاتن ان يشعر بأنه صاحب هذه البلاد لمجرد كونه يهوديا، بينما فلسطيني ولد وعاش في هذه البلاد منذ أجيال عديدة، يحتم عليه القانون ان يشعر زائرا يقيم هنا بفضل سماحة السلطات… هذه المعاملة الرسمية التي نتعرض لها بدافع فكر توسعي متطرف بالأساس ولكن ما يجعله ممكنا بالأساس هو ميزان القوى السياسية القائم.
ضعفنا على الساحة السياسية سيؤدي بنا الى حالة تدفعنا الى حلم العودة الى وضعنا الحالي على علاته…
نحن ندرك هذه الصورة بتفاصيلها ونصمت… نصمت لأننا لا نعول على العمل الجماعي …. ولأننا بخلاء الثقة بمن هم في المقدمة… ولأن جميعنا يطمح الى بلوغ المقدمة، وحين لا تسعفه قدراته في ذلك، نجده يحاول عرقلة من هم في المقدمة ليعودوا الى الخلف …!
نحن بحاجة الى صحوة سياسية جماهيرية… الى الايمان بأننا قادرون على خلق ظروف سياسية تنقلنا الى حياة أفضل…الى واقع نستطيع فيه صد التطاول السلطوي على حقوقنا القومية…هذا الواقع المنشود ليس حلما بعيد المنال لقد لامسناه…انه قاب قوسين وأدنى…. كل ما علينا هو التعامل بمسؤولية مع الانتخابات الوشيكة!