عندما علم فرعون أنّ طفلاً سيولد من بني إسرائيل، ويكون هلاك فرعون ومملكته وأتباعه على يدَيْه، عمد إلى فصل الرّجال من بني إسرائيل عن نسائهم، ووضع لكلّ امرأة منهم امرأة قبطية تراقبها لكي يتمكّن من قتل كلّ مولود يأتي إلى الدّنيا، وبذلك يحمي ملكه من الدّمار والهلاك.
يقول الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السّلام): « إنّ موسى لمّا حملت به أمّه، لم يظهر حملها إلاّ عند وضعها له، وكان فرعون قد وكّل بنساء بني إسرائيل نساء من القبط يحفظنهنّ وذلك أنّه كان لمّا بلغه عن بني إسرائيل أنّهم يقولون: أنّه يولد فينا رجل يقال له: موسى بن عمران، يكون هلاك فرعون وأصحابه على يده، فقال فرعون عند ذلك: لأقتلنّ ذكور أولادهم حتّى لا يكون ما يريدون، وفرّق بين الرّجال والنّساء وحبس الرّجال في المحابس، فلمّا وضعت أمّ موسى بموسى (عليه السّلام) نظرت إليه وحزنت عليه واغتمّت وبكت، وقالت: تذبح السّاعة، فعطف الله بقلب الموكّلة بها عليه، فقالت لأمّ موسى: ما لك قد اصفرّ لونك؟ فقالت: أخاف أن يذبح ولدي، فقالت: لا تخافي وكان موسى لا يراه أحدٌ إلاّ أحبّه، وهو قول الله تعالى: ﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي ﴾ [3] فأحبّته القبطيّة الموكّلة به [4] » .
والحقيقة أنّ الله تعالى منذ البداية قدّر أنّ نجاة المستضعفين والمظلومين سوف يكون على يد طفل من نسل يعقوب (عليه السّلام)، وذلك بهلاك فرعون وسلب الحكم منه، لكن ما يلفت الانتباه أنّ هذا الطّفل سوف يتربّى في حضن طاغية جبّار، مثل زهرة تنبت بين حقل من الأشواك [5] .