تصاعد غير مسبوق في ملف الجريمة العنف وأكثر من سؤال حول دور الشرطة!
لا يزال مسلسلا الجريمة والعنف يعصفان بالمجتمع العربي في الداخل الفلسطيني، وسط قلق وتخوف واستنكار في صفوف المواطنين، جراء تواصل جرائم اطلاق الرصاص والقتل التي أودت بحياة 48 شخصا منذ مطلع العام الجاري، إضافة إلى حرق سيارات وغيرها من اعمال العنف الأخرى التي باتت تستخدم في كثير من الحالات وبشكل يومي.
(تقرير: اسلام ناشف) – قُتل في الداخل الفلسطيني، 48 شخصا، من بينهم 8 سيدات، منذ مطلع العام الجاري 2020، في جرائم قتل مختلفة، منهم 3 مواطنين قتلوا في غضون ساعات قليلة يوم أمس الأحد، في جرائم قتل منفصلة، وهم أدهم بشارة (55 عاما) إثر تعرضه لجريمة إطلاق نار في مدينة الطيرة، صباح اليوم، فيما قتل في مدينة كفر قاسم، قتل حسين أبو ذيب الطوري (55 عاما) وهو نائب رئيس بلدية سابق، جراء تعرضه لجريمة إطلاق نار خلال تواجده قرب ورشة بناء في مدينة (بيتح تيكفا)، فجر أمس، كما وقتل في قرية إبطن سمير عمرية (50 عاما) رميا بالرصاص فجر أمس، كما أصيب 4 آخرين بجروح .
وتشهد البلدات العربية عموما، يوميا أحداث عنف، تتمثل بإطلاق نار عشوائية، إطلاق نار في الافراح، حرق مركبات لأشخاص نتيجة شجار او خصام، كذلك إطلاق نار يسجل دون وقوع اصابات، شجارات مختلفة، وحالات طعن على خلافات تختلف خلفياتها.
وترتكب الجرائم بدوافع بسيطة، وكنتيجة لشجارات عائلية او خلافات مالية سرعان ما تتسع وتتحول الى جرائم، هذا الى جانب نوع آخر يتعلق بالجرائم المنظمة المتعلقة بتجارة السلاح والمخدرات وجرائم المال.
كذلك، من اسباب تفشي الجريمة، انتشار الفقر الذي يعانيه المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني، حيث يعيش 60% من السكان العرب تحت مستوى الفقر، إضافة إلى سعي المواطنين بتثبيت كيانهم، بعد نكبتهم الأولى، وسلب كيانهم، ووسط تهميش الكيان الاسرائيلي للاقلية العربية، إذ يعيش المواطن الخوف من ضياعه واغترابه في هذا المجتمع المتفكك، ما يجعله يفرض ذاته لتحقيق مأربه الشخصية، وقد يلجأ لاستخدام القوة والعنف، حتى إزاء أبناء شعبه، فيما إذ هنالك ما يتهدد تحقيق اريحية عيشه، بعدما فقد الأمل بكرامة العيش.
إن تصاعد وتيرة العنف وازدياد الجريمة جعل المواطن العربي، يبحث عن مجتمع يتمتع بالأمن والامان، وتبعده افات العنف والجريمة بجميع اشكالها وصورها، عاجزا عن درء هذا الشبح عنه وعن ابنائه، ما ابقاه في بؤر اليأس والاحباط حتى بات بانتظار الجريمة القادمة، التي ستدون ضد مجهول، ذلك وسط فشل مؤسسات رسمية ومؤسسات خاصة، التي تسعى الى مكافحة العنف في المجتمع، وفشل الشرطة في اداء واجبها باستتباب الامن والامان.
هذا وتشهد العديد من البلدات العربية غضبا واستنكارا لما يجري من احداث عنف، حيث أن جميع القتلى الذين سقطوا من الذكور والإناث، غالبيتهم في مقتبل العمر، علما بأن جل الملفات لدى الشرطة لم تفك لغزها والتحقيق فيها ما زال جاريا.
ويرجع المواطنون العرب في الداخل تواصل تصاعد وتيرة الجريمة والعنف، خلال الأعوام الماضية، إلى تقاعس سلطة فرض القانون بأداء دورها، في استتباب الامن والامان، وكبح جماح هذه الأفة الخطيرة، التي تفتك بالمجتمع العربي.
ويرى البعض من المواطنين، أن الشرطة، تضع تعاون الجمهور العربي بالإدلاء عن معلومات في موضوع الجريمة والعنف، شرطا لتأخذ مسؤوليتها بمكافحة هذا الشبح الذي يهدد سكينتهم، كذلك تتذرع بضرورة انشاء محطات للشرطة في البلدات العربية كحل لمحاربة الجريمة ومحاصرة العنف، علما أن غالبية البلدات العربية التي أقيمت فيها محطات للشرطة خلال السنوات الأخيرة، ازداد عدد جرائم القتل بدلا من أن ينخفض, واكبر مثال على ذلك مدينة الطيرة التي افتتحت الشرطة اخيراً فيها محطة شرطة كبيرة تضم 80 عنصراً ولا زال مسلسل الدم مستمراً.
وأشار المواطنون إلى أن الشرطة تقوم بجهود أكثر نجاعة في موضوع إنفاذ قوانين السير وتوزيع المخالفات أكثر بكثير مما هو في مجال محاربة الجريمة والعنف.
ولفت المواطنون إلى أنه خلال جائحة “كورونا” تمكنت سلطة فرض القانون بكافة أذرعها من أجهزة مخابرات وغيرها، من تحقيق انجازات ملفتة بتعقب المرضى وحصرهم، كذلك تتمكن دوما من القبض على كل من يهدد الامن العام، حتى لو كان في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتلقي القبض عليه بسرعة فائقة، بينما تتهاون بالقبض على الجناة والقتلة الضالعين بجرائم عنف، كذلك بجمع السلاح غير المرخص.
ويشار إلى أن نتائج مؤشر الأمن الشخصي والذي بادرت إليه للسنة الثالثة على التوالي، مؤسسة “مبادرات إبراهيم” بالتعاون مع مؤسسة شموئيل نئمان في جامعة التخنيون، أظهرت تراجع ثقة الجمهور العربي بجهاز الشرطة مقارنة بالعام الماضي، وبحسب النتائج فإن ثقة الجمهور العربي بالشرطة بلغت عام 2019 نحو 17.4% مقارنة بـ 26.1% عام 2018 وذلك على خلفية تفشي الجريمة والعنف في المجتمع العربي خلال السنة الأخيرة.
وأظهرت نتائج الاستطلاع أن نحو 82% من المواطنين العرب قد درجوا موضوع السلاح وإطلاق النار كأهم المواضيع المقلقة من بين العوامل الـ 14 التي طرحت من خلال الاستطلاع، فيما أعرب 73% من بينهم عن خشيتهم من إصابتهم أو إصابة أحد أفراد عائلاتهم في العنف المتفشي في المجتمع العربي مقارنة بـ 20% فقط في الوسط اليهودي.
وبحسب نتائج الاستطلاع فقد أعرب نحو 78% من المشاركين في الاستطلاع بدرجات متفاوتة عن استعدادهم لأخذ دور في محاربة موضوع الجريمة والعنف دون تحديد طريقة مشاركتهم في ذلك، بينما أعرب نحو 22% من المشاركين في الاستطلاع عن إصابتهم أو إصابة أحد أفراد عائلتهم من جراء أعمال عنف وقعت في المجتمع العربي.
ورأى المحامي رضا جابر، من مركز “أمان” لمكافحة العنف في المجتمع العربي، ان تعامل الشرطة مع حالات القتل وحوادث الاجرام الأخرى في المجتمع العربي، “واضح بخذلانه”.
وقال جابر أن الشرطة “لم تتخذ قرارا حقيقيا، بالقضاء على الإجرام في مجتمعنا”.
وأوضح المحامي جابر أن الشرطة “لا تستثمر الجهد والموارد المطلوبة، وهي تستطيع ذلك”.
وذكر، قائلا “لكي تتخذ الشرطة قرارا كهذا وتنفذه، عليها أن تتلقى أمرا واضحا وملزما من مستوى السياسي، أي القيادة العليا في الحكومة، فهي المكلفة وصاحبة القرار بذلك”.
وتابع جابر أن “إقامة محطات الشرطة في البلدات العربية هي الحل لمحاربة الجريمة ومحاصرة العنف، ومطالبتها بتعاون المواطنين العرب، لهو قرار سياسي، حيث يتم استغلال الجريمة وموضوع العنف في المجتمع العربي، لتمرير قرارات مثل تجنيد رجال شرطة مسلمين”.
وتساءل جابر “هل “الدولة” والشرطة قادرة على انهاء قضية الجريمة؟”، وأجاب بنفسه بالقول “بكل وضوح هي قادرة. الدليل على ذلك، أنها تفعل ذلك، عندما يكون الضحية يهوديا. وهي تفعل ذلك خلال ساعات”.
وعما ما يستطيع المجتمع العربي فعله في هذا المضمار، قال “توحيد الخطاب اتجاه “الدولة” والشرطة، وصياغة موقف سياسي قيادي اتجاههما، وكشف تخاذلها أمام الرأي العام في إسرائيل، وأيضا موقف جماهيري شعبي، قادر أن يحشد كتلة بشرية، تعطي رسالة واضحة”.
وقال المحامي رضا جابر “نحن نتحدث مع الشرطة بخطابات متناقضة، والموقف الشعبي ضعيف. الشرطة تعرف بأنها تقف أمام مجتمع يصرخ فقط، ولذلك فهي لا تبالي”
واتهم جابر الشرطة بـ “التعامل بصورة جزئية” مع ظواهر الجريمة، وعدم التعامل مع مسبباتها، مشيرا إلى أن “هذا يجب أن يتم فعلة بصورة عميقة وجدية”.
وخلص جابر إلى أنه “عندما تتحدث الشرطة عن مئات آلاف قطع السلاح، ويتم العثور عن العشرات خلال سنة، فهذا يبقي المشكلة تتأزم”.