الآن وقد أكمل العالم بنجاح أسرع تطوير للقاح جديد عبر التاريخ، يبقى التساؤل الحقيقي هو هل يمكننا أن نعود لحياتنا الطبيعية، ونبدأ برمي الكمامات ومعانقة الأصدقاء، فور حصولنا على التطعيم؟
الإجابة على هذا السؤال ليست بتلك السهولة، لأن من آثار إنتاج لقاح بهذه السرعة، هي إنتاجه بأمور مجهولة كثيرة، يجب أن ننتظر لنكتشفها.
وقالت الطبيبة بورفي باريك، اختصاصي المناعة في شبكة الحساسية والربو غير الربحية والباحث المشارك في تجارب لقاح فايزر: “نظريا، يجب أن يوقف اللقاح العدوى وكذلك الانتقال والانتشار”، وفقا لموقع “فايف ثيرتي أيت”.
ولكن باريك أشارت إلى أنه بالرغم من ذلك، فنحن لا نعرف حتى الآن ما إذا كان هذا ينطبق على لقاحات “كوفيد – 19″، وذلك لأن التجارب السريرية كانت قصيرة، فالعلماء ركزوا فيها على الحصول على إجابات لأسئلة معينة، مثل مدى فعالية اللقاح، وإذا ما كان آمن، وحصلوا على هذه الإجابات التي كانت كافية لإنتاج اللقاح المستعجل.
لكن الإجابة على هذه الأسئلة بسرعة جاءت على حساب الإجابة على أسئلة أخرى، مثل ما إذا كان الأشخاص الملقحون لا يزالون قادرين على نشر الفيروس.
وتقول باريك: “بالنسبة للقاحات الأخرى، يستغرق الأمر سنوات يتم فيها تحليل البيانات لمعرفة ذلك”.
لذلك يتوخى الخبراء الحذر، ويوازنون بين حماستهم وارتياحهم بحذر بحيث لا يمكنك تناسي إجراءات كورونا والعودة إلى الحالة الطبيعية. إنهم بحاجة إلى مزيد من الوقت ليعرفوا “طبيعة الحياة” بعد اللقاح، حسب ما أشار موقع “فايف ثيرتي أيت”.
وقال ديبتا باتاتشاريا، أستاذ علم الأحياء المناعي بجامعة أريزونا إن نظرية نشر الفيروس حتى بعد التطعيم، تمثل علميا احتمالا واردا.
وأضاف “لن يصدمني إذا علمت بأن شخصا محميا من أعراض “كوفيد-19″ مثل الذين يحصلون على اللقاح، بإمكانه نشر الفيروس، لأن هناك آلية بيولوجية لحصول ذلك”.
وشرح باتاتشاريا العملية: “يدخل الفيروس عبر المسالك التنفسية العلوية، إما عن طريق الأنف أو الحلق. وتلك محمية بطبقة مخاطية. وبذلك تكون هذه الطبقة المخاطية جيدة في إبطاء وصول الأشياء إليك”.
“ولكن حتى إذا كان اللقاح قد درب خلاياك المناعية على التخلص من فيروسات “كوفيد-19″ التي يتم اكتشافها، فقد لا يتمكنون من تحييد تلك الموجودة في أنفك، على الجانب الآخر من الحواجز المخاطية. لن تؤذيك خلايا فيروس كورونا هذه، لكنها لا تزال قادرة على التكاثر والخروج للعالم وإصابة الآخرين في المجتمع”.ومن ناحيتها، قالت باريك للموقع إن الأمثلة التي أمامنا اليوم هي للقاحات تحمي الشخص الذي يحصل عليها، أكثر بكثير من أنها تحمي المجتمع ككل.
ولكن حتى وإن لم يضمن اللقاح حماية كل المجتمع، إلا أنه بالتأكيد سيقلل من انتشار الفيروس، وذلك لأن فعالية اللقاحات الجديدة هائلة، وفقا للأطباء.
وقال باتاتشاريا: “إذا كان لديك لقاح فعال بنسبة 95 بالمئة، فهذا حتما سيؤدي لتقليل نسبة انتقال الفيروس في العالم، هذا أمر لا جدال فيه، ولكننا نريد معرفة إلى أي مدى ستقل نسبة انتقال الفيروس”.