بقلم: فالح حبيب , هل سيشهد مجمتعنا “مصالحة”؟ مبادرة لتهدئة النفوس والخواطر تصب في تعزيز معنويات الشارع الذي يراقب ويتابع المناحرات والمهاترات والمناكفات بكل تفاصيلها المُملة ولا تزيده إلا تنفيرا.
أتواصل مع الكثير مِن القيادات، ومن بينها، قيادات من مجتمعنا العربي ومنهم مَن هم محسوبون على القائمتين وألتمس منهم حرصهم الشديد على النسيج الاجتماعي ورفضهم القاطع لهذا الاسفاف والتجريح والتناحر والانحدار والسقوط المدوي، لكنهم بسبب موازين قوى داخلية وأقليات متسلطة موجودة داخل بعض الأحزاب ترجح العنجهية والفئوية وتُغلّب “مصلحة الحزب” على مصلحة مجتمع وشعب، يجدون أنفسهم ينجرون، أو بمعنى أدق، محاصرون في هذه الدوامة رغم رفضهم لها.
من جاء ليخدم شعب وبلد لا يحرقه
الأنكى والأمر ويزيد الطين بلّة ومن الشِعر بيت أن منهم مَن انتهج “الميكافيلية” والغاية تبرر الوسيلة، فتراهم قطعوا الأوصال ودبوا الخلاف بين الأخ وأخيه وأبناء البلد الواحد وغذوا الخلافات وصبوا الزيت على نار الضغينة وحرّكوا جمر خلافات بين رؤساء سلطات محلية ونواب، بين القيادات المحلية والقطرية وكله في سبيل النجاح، مغيّبيين “الخلاف لا يفسد للود قضية”، فإلى متى ستبقى اختلافاتنا خلافات؟! ناهيك عن استخدام أساليب تنبذها ولفظتها وتبرّأت منها أخبث أدوات المكر السياسي والشخصنة.
ومع ذلك، بين الظلمة والظلام لا بد من بقعة ضوء والظلام لا يطرده إلا النور، فانشروا الاخاء والتسامح واستبدلوا الألم بالأمل، وما زلت على قناعة أن وجود هؤلاء العقلانيون الذين ينبذون الشرذمة ويدركون قدسية الوحدة في زمن اللاوحدة في كلا الجانبين مِن شأنه أن يساهم بخروج مبادرة تسامح جامعة من رحم التنكر لشراكة لطالما جمعت بينكم، مبادرة تفاهم ومحبة من دياجير السرمدية، مبادرة تنقلكم من ظلمكم لأنفسكم وشعبكم إلى النور، مبادرة تُنقذ ما تبقى من ماء وجه وانقاذ ما يمكن انقاذه بعد هذه الاساءات المتبادلة وحرب ضروس وحملة شعواء في سبيل الحصول على صوت صمّت أذان صاحبه من صراخكم والغوغائية التي قطعت السكنية وقد بات مبحوحا! بعيدا عن تفعيل اعتبارات سياسية داخلية وتفعيل ميزان الربح والخسارة، بادروا معا وتعاونوا على دفع الناس للخروج إلى صناديق الاقتراع ورفع نسبة التصويت بعد أن فشلتم وفوّتم فرصة عدم حرق أي صوت مِن خلال اتفاق فائض أصوات وميثاق شرف كان لا بد وينعكس ايجابا على مجتمعنا، وبالتالي تهدئة الخواطر ومد جسور التعاون!
اِثبتوا للناس حسن النوايا وحرصكم على مصيرهم لا مصيركم، على تاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم، ولا أُزكي على الله أحدا، وبادروا لمد جسور التفاهم والتعاون اليوم قبل الغد، فما يربط بينكم ويجمعكم أكثر بكثييييير مما يفرقكم، والجميع ضحية للتمييز والعنصرية و”قانون القومية” وشطب الهوية. اِنشغلتم بأنفسكم وكان الأجدر أن تنشغلوا بمَن يجب وأولى، ولم تفوتوا فرصة لتصيّد صغائر الأمور وتعكير المياه العكرة أصلا، والناس، وهم الأغلبية، لا تهمهم “فئويتكم” ولا تعني لهم شيئا أهدافكم ومناحراتكم، هي لعبتكم وحدكم من منظروهم وليست “لعبة” شعب بأكمله، خاصة وقد انتقل التنافس السياسي والتعددية مَن مرحلة العمل من أجل غد أفضل للعودة إلى الخلف، وما أصعب التقدم ألى الخلف!!
هي نصيحة يا أولي الأبصار
عززوا التعاون واصدقوا الناس ليصدقوكم عندما تخرجوا إليهم بنداءاتكم الأخيرة! في مجتمع أحوج ما يكون فيه إلى الهدوء والاستقرار والقدوة الحسنة.
بادروا ولا تترددوا، وخيركم مَن يبدأ بالسلام، “متأخرا أفضل مِن بلاش”!
أعرف قد يتهمني البعض بالفلسفة المُفرطة أو بالافراط أو التفريط أو بالسذاجة أو المثالية حتى الثمالة والانقطاع عن الواقع نظرا للبون الكبير والفجوات العميقة وما أحدثته الضغينة العقيمة و”الممحكات” و “المناطحات” من ترسبات قد يصعب على الزمان محوها وشطبها، لأنها عالقة راسخة على جدران تاريخ شعب وقضية، لكن هي نصيحة في زمن باتت النصيحة فيه مغلّفة بمصلحة والمشورة مأجورة أو مشروطة. نصيحة، لأن شعبنا وقضاياه أهم منكم جميعا، لكم في ذلك مصلحة سياسية عميقة يا أبناء الشعب الواحد، فعلى هذه الأرض ما يستحق الحياة شئتم أم أبيتم. الاساءة المتبادلة هي اساءة لكم ولأبناء شعبكم ولنا جميعا، وللأسف هناك مَن نسي أو تناسى أن هناك مَن عمل ويعمل على مدار سنوات وربط الليل بالنهار لتفريغ القدوات من مضمونها وحجبها و “قتل” كل قدوة في المجتمع، فيعز عليّ أن يُساء لكم كقيادات مجتمع وأقلية أصلانية وقدوة لمجتمع هناك مَن يريده دون قدوة.
بعرف صعب جدا! قد يردد البعض: التصالح يعني تراجع، والتراجع يعني نسف لحملاتنا. لكن هي محاولة! فالقيادة الحقيقية هي تلك التي تظهر في الشدائد وتقود حيث يجب وليس حيثما يُراد وتُجري التغيير مِن وفي الأماكن الأكثر قذارة.
بعرف! سليط القلم والنغم وفي التعميم ظلم لبعضكم، لكن وجودكم هناك يفرض عليكم تحمل المسؤولية الجماعية.
أحترمكم لو تعلمون كم، وتعلمون.