ارتفاع أسعار الوقود والمياه والكهرباء وفرض ضرائب جديدة، والمعاشات ثابتة لا تتغيّر

شهدنا في الأسابيع الأخيرة ارتفاعًا في أسعار الكثير من السلع ومناحي الحياة، من كهرباء، مياه، خبز وطحين، وغيرها. وتستمر وتيرة الغلاء خلال الشهر المقبل من خلال الضرائب الجديدة الّتي تنوي الحكومة فرضها على المواطنين، مثل ضريبة السكّر، والّتي ترفع من أسعار المشروبات الخفيفة المحلّاة، ضريبة البلاستيك والّتي ترفع من أسعار الأدوات البلاستيكيّة المستخدمة لمرّة واحدة، أسعار الوقود والمحروقات، وغيرها. كلّ هذا الغلاء وارتفاع الأسعار المتكرّر يبقي أمامنا السؤال: ماذا مع ارتفاع رواتب العمّال والموظّفين؟

عادة ما يدلّ ارتفاع الأسعار على ارتفاع الرواتب، وهذا ما نلمسه بشكل عام في الدول الأوروبية، حيث تكون الأسعار موازية للأسعار الإسرائيليّة، وفي بعض الأحيان أعلى قليلًا من أسعار بلادنا، لكن في المقابل معدّل الراتب هناك يفوق معدّل الرواتب في البلاد بأضعاف مضاعفة.

وقد أشار الخبير الاقتصادي بروفيسور يوسي زعيرا إلى أنّ الرواتب في إسرائيل لم ترتفع بشكل حقيقي منذ عشرات السنين، ممّا يدلّ -وفق ما جاء به- إلى أنّ بلادنا بعيدة جدًّا عن ما يسمى بالمنافسة المتطوّرة في السوق الاستهلاكي. وأضاف زعيرا بأنّ المتنعّمين في مستوى معيشيّ عالٍ في إسرائيل هم الّذين لا يعيشون على رواتب، وإنّما الرأسماليون ورفاقهم، وهذه مجموعة صغيرة نسبيًا من الأثرياء الكبار، في حين يعاني معظم مواطني إسرائيل جرّاء الفقر وجرّاء غلاء المعيشة. وهذا ما أكّده تقرير صحيفة جلوبس، حيث أشار إلى أنّ التفاوتات في الأجور في إسرائيل آخذة في الارتفاع، وهو الأعلى في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، ممّا يذوّت الفوارق الاقتصاديّة ويرفع من نسب الفقر.

رغم ذلك، فإنّ الحكومة تنوي رفع غلاء المعيشة وتوسيع الفجوة الاجتماعية الاقتصادية أكثر فأكثر، من خلال فرضها لضرائب لا تستطيع غالبية طبقات المجتمع من التعامل معها، مثل ضريبة السكر الّتي أثبتت التقارير والأبحاث بأنّ غالبيتها مستهلكة لدى المجتمع العربي، والّذي يعتبر المجتمع الأضعف اقتصاديًّا في الدولة.

هذه الضرائب تتناقض حتّى مع توصيات قسم الإشراف على الميزانية في مركز البحوث والمعلومات التابع للكنيست، حيث أوصى القسم على ضرورة زيادة الإنفاق الحكومي دون زيادة الضرائب، وذلك بهدف إنعاش السوق الاستهلاكي في إسرائيل، وتنمية الاقتصاد المحلي في التوظيف الكامل.

وفي جانب آخر، يؤكّد علماء الاجتماع على أنّ الاهتمام الحكومي بالجانب الاقتصادي دون بناء موازنة مع الجانب الاجتماعي من شأنه أن يُحدث أزمة مجتمعيّة وانتشار لظواهر اجتماعيّة سلبيّة وخطيرة. حيث أنّ ارتفاع الأسعار يؤدّي إلى ارتفاع بنسب الفقر، والّذي يؤدّي بدوره إلى ظواهر عنف وجريمة لأسباب اقتصاديّة، ولثقل هموم المواطنين الّذين لا يستطيعون التوفيق بين احتياجاتهم الأساسية والضرورية وبين ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة. يتزامن كلّ ذلك مع ما تفرضه الكورونا من تقييدات وارتفاع بنسب البطالة، إضافة للجانب النفسي السيء الّذي لا يساهم بتحسين أوضاع المواطنين. هكذا يقبع المواطن في إسرائيل بين هموم لقمة العيش والقلق الأمني، وأيضًا القلق الاقتصادي الّذي تعمّقه سياسات الحكومة من خلال الضرائب الجديدة.

Exit mobile version