أهلا بعودتكم: حافظوا على طهارة حجكم المبرور بالطاعات !
مع عودة “قوافل الحجيج من بيت الله العتيق” وأداء مناسك الحج والعمرة ، يشرفنا توجيه الإرشادات والنصائح المعبرة من قلوبنا المليئة بحبكم وفخرنا بكم.. وذلك لما نتمناه لكم من خير جزيل .
أخواننا الحجاج الأفاضل أخواتنا الكريمات: الحمد لله أن عدتم لوطنكم وبلادكم سالمين غانمين بأجر عظيم ، عدتم والعود أحمد، وأهلا بكم بين إخوانكم المحبين والفخورين بعملكم الحسن.
أولا : أخي الحاج تذكر أنَّ الله قد غفر ذنبك، وعدت كيوم ولدتك أمك كالثوب الأبيض الناصع، فلهذا يتوقع منك أن تغير وتبدل سلوكك وتصرفاتك ،وبأن تتحلى بالصدق بدلا من الكذب ، وبالرحمة بدلاً من العنف ، وبالوفاء بدلا من الخيانة، وبالعفو بدلا من العصبية،وبالتسامح والمغفرة بدلا من الغضب والصراخ ، وبالكرم بدلا من البخل، وبالإيثار بدلا من الطمع والجشع ، وبالتواضع بدلا من الكبر ، وبالعدل بدلا من الظلم !. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ”:العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةَ ” متفق عليه .
ثانيا:تذكروا أنكم حققتم حلمكم بإنجاز أعظم رحلة في حياتكم، تذكروا أنكم أنفقتم الأموال الباهظة لإنجاز رحلة العمر والحياة، احمدوا ا لله الذي وفقكم لأداء هذا الركن الخامس العظيم ،وربما لن تعودوا أبدا لتلك الأراضي المقدسة ، وأذكركم بدعائكم عند ماء زمزم ، وصلاتكم عند مقام ابراهيم , وأذكركم بقوله تعالى }ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ { سورة الحج .
ثالثا:أليست خسارة فادحة ان أتعابك الجمة تهدر، لقد تركت أهلك ووطنك وعملك وأحبابك, وبذلت جهدا ووقتا وأموالا, ولقد اكتفيت بملابس الإحرام البسيطة المتواضعة، وهجرت البدلات الأنيقة، وزاحمت الحجيج لتقبيل الحجر الأسود، ووقفت على صعيد عرفة مناجيا خاشعا لربك، تذكرالطواف والإزدحام الخانق،تذكر أتعابك عند السعي ،تذكر أنك لم تنم ليلة المزدلفة، لتحقق قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ).
رابعا: إياك أن تبطل هذه الأجور أو تفسدها بالمعاصي وترك الطاعات ، فإن من علامة قبول حجك اتباعه بالحسنات وفعل الطاعات، واجتناب المنكرات ، ومن علامة رده ارتكاب المعاصي والذنوب ، والتهاون بالصالحات، فلا يكن حظك من حجك اللقب فقط، بأن يقال لك “الحاج فلان ” فهذا والله لا ينفعك عند الله تعالى ، وغداً ستفارق الدنيا، وستعلم أن الأعمال على القلوب والقبول، لا على الأشكال والألقاب !
خامسا: أريد ان أوجه لكل حاج وحاجة أسئلة وليجب عليها بصراحة..لا تبدأ أولى خطواتك بالمعاصي : فما رأيك بالحاج المدخن؟ وهل يليق بالحاجة وضع سيجارة بفمها؟ وهل السيجارة أقوى منك فهزمتك؟ وكم مسلم تأذى منك وبسبب دخانك ؟ وهل تملك الشجاعة الكاملة لتتخذ قرارا بمقاطعة الأعراس والحفلات التي ترتكب فيها المعاصي والمحرمات؟وهل أنت على استعداد بعدم الإختلاط ومصافحة النساء؟
سادسا : وهل هاتفت أهلك وأحبابك باستقبالك بالفرح والورود, وأنك ستغضب ان أطلقوا المفرقعات المزعجة والمقرفة والتي فيها اهدار وتبذير الأموال في سبيل الشيطان ! والمسلمون يموتون من شدة الجوع والحرمان في شتى البقاع, لقد أزعجت طلاب العلم ,والعمال, وأهل صلاة الفجر والمرضى، فدعوا عليك بدلا من الدعاء لك !
أخي الحاج الحبيب . . أختي الحاجة الكريمة الصفحة بيضاء ناصعة فلا “تخربش عليها فتسودها”؛واحذر الإنغماس في لهو الدنيا، احفظ الله في قلبك خشية وتعظيما وحبا وقبولا لشرعه ، ورضاً بقضائه وقدره، واعتزازاً بدينك..احفظ الله في زوجتك وأسرتك وربيهم على عبادة الله وطلب رضاه..احفظ الله في سمعك وبصرك و نفسك..احفظ الله في دينك وانصره بما منحك الله إياه من علم وحكمة ومواهب ..احفظ الله يحفظك , ولهذا لا يليق بمسلم بعد أن ابيضت صحيفته أن يعود لتسويدها , فبعد أن زكت نفسه بالطاعة أن يدنسها بالمعصية والذنب: ” ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا “.
ومسك الختام :أسأل الله العلي الكريم أن يجعل حجكم مبرورا , وسعيكم مشكورا، وذنبكم مغفورا، وإن شاء الله تجارتكم مع الله لن تبور أبدا, إنه هو أهل التقوى وأهل المغفرة . اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوب حجاجنا على دينك، وعلى هدي حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم اشهد أننا بلغنا !.
أخوكم الفخور بكم والداعي لكم بالهداية والثبات
المربي الشيخ أبو عكرمة الطيباوي