لا يوجد مسلم فاهم لأصول وقواعد دينه يقبل الاعتداء على الأبرياء وإزهاق أرواح الآمنين،ولذلك يمكن القول بان مهاجمة صحيفة “شارلي ايبدو” الفرنسية امر مدان ومرفوض بإجماع عموم المسلمين،لان مثل هذا الهجوم يتنافى تماما مع ما يحمله الإسلام من قيم الأخوة، والتسامح، والتعايش، واحترام التعددية ،واعلاء الكرامة الإنسانية حتى مع الخصوم والأعداء،فالإسلام يقدس حياة البشر مسلمين وغير مسلمين ويحرم الاعتداء عليها بغير حق ويعتبر مثل هذا الاعتداء اعتداء على البشرية قاطبة ،قال تعالى:”من اجل ذلك…”
هذا من جهة لكن من الجهة الأخرى فان اختراق المجلة المذكورة لكل الخطوط الحمراء في تهجمها على الديانة الإسلامية من خلال حملاتها الشرسة على الرسول محمد صلي الله عليه وسلم، ولم تقتصر هذه الحملات على اعادة نشر الرسم الكرتوني المسيء اليه للرسام النرويجي عام 2006، وهو الرسم الذي اثار غضب مليار ونصف المليار مسلم، وتسبب في مظاهرات احتجاجية صاخبة، قتل فيها اكثر من مئتي شخص، وانما بلغت ذروتها عام 2011 عندما نشرت رسوما اخرى أكثر إساءة واستفزازا من بينها واحدة تصور الرسول الكريم عاريا.هو جريمة مدانة بكل المعايير والمقاييس ،ويجب على العالم ان يجمع على إدانتها ايضا كما نجمع نحن المسلمين على شجب وادانه مثل هذا الهجوم البشع الأرعن.
وأريد ان اؤكد هنا على موقفنا نحن المسلمين ومطالبتنا الدؤوبة التي لن نتنازل عنها والتي تبرز حاجة العالم اليها عند كل منعطف من مثل هذا المنعطفات،ومطلبنا هو الاتفاق على تحريم وتجريم المس او التطاول على الأديان وعلى الرموز الدينية لجميع أتباع الديانات لما يمثله مثل هذا المس من اثارة للمشاعر والاحاسيس ولما يؤدي اليه من اثارة للصراعات الدينية التي يصعب التكهن بعواقبها الوخيمة.
دعونا في الماضي وندعو اليوم الى ضرورة سن مثل هذا القانون الذي يحرم ذلك ويمنعه بل ويعاقب عليه، حتى نسد الباب على المتشددين من اتباع جميع الديانات ولا نوفر المبرر لهم للقيام بأعمال انتقامية نرفضها جميعا مهما كان حجمها .
وفي الختام اتوجه الى الإسلاميين الذي يريدون نصرة الإسلام ورسوله حقيقة، وان كنت اشكك في ان هذا الاعتداء على الصحيفة لم يكن مدبرا بهدف تشويه صورة الاسلام والمسلمين وتنفير الفرنسيين خصوصا والغربيين عموما من الاسلام في ظل زيادة الإقبال على اعتناقه في اوروبا.اذ ما زال هناك من ينفخ في الكربة ويحذر من خطر سيطرة الإسلام على اوروبا ،ومثل هذه الاعتداءات تغذي هؤلاء المعادين المتربصين.نعم اقول لكل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم انه يعمل بعكس ما يريد ،وياثم ثلاث مرات بغض النظر عن نواياه – التي لا يعلمها الا الله- :اولها انه يمس ويقتل احيانا اناسا ابرياء ليس لهم في الامر ناقة ولا جمل –كما يقولون-،وهي مخالفة شريعة صريحة واضحة ومن المعلوم ان القضية العادلة لا تنتصر بالحل الظالم . وثانيها انه يكره الغرب في الإسلام وأهله بحيث ان صورة العنف والإرهاب التي تغذيها الكثير من الجهات النافذة والإعلامية في الغرب تنطبع اكثر في عقول الغربيين نتيجة لمثل هذه الممارسات،كما ويحول الاسلام والمسلمين من ضحية الى جلاد .وثالثها – انه يضع المسلمين في الغرب في دائرة الاستهداف والملاحقة المستمرتين كما حدث بعد أحداث أيلول وتفجير برجي التجارة العالميين.
كما وأتوجه الى الفرنسسين خاصة والاوروبيين عامة واقول ان الحلول الأمنية لن تجديكم نفعا وقد رأيتم بام اعينكم كيف انه تم الوصول إليكم وايذائكم في عقر داركم ولن تغني عنكم اجهزة الاستخبارات والشرطة وغيرها شيئا،لان النار التي تغذونها او تسمحون بتغذيتها من خلال تدخلاتكم السافرة في شرقنا الاوسط ودعمكم لمشاريع تقسيمة ،والاسلام فوبيا الذي ينتشر في بلدانكم لها مردوداتها العكسية والسلبية عليكم قبل غيركم فالقاعدة الفيزيائية تقول:بان لكل فعل رد في مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه.ولذلك فان المطلوب منكم حتى تأمنوا على انفسكم ودياركم وحتى تعيش المنطقة في امن وامان- وهو مطلبنا مثلكم- هو: ان توقفوا تدخلكم في شؤوننا وان تتوقفوا عن دعم اعدائنا وان تمنعوا تفشي معاداة الإسلام في بلدانكم ،هذا هو في تقديري واجتهادي الحل الأمثل لتحقيق الامن والاستقرار والتعايش السلمي لنا ولكم وللعالم بعيدا عما تسمونه “:الحرب ضد الارهاب”،لان هذه الحرب ثبت فشلها فانتم من اشعل جذوتها وعليكم انتم ان تطفؤوها لمصلحة الجميع.
الا هل بلغت اللهم فاشهد
روابط ذات صلة:
فرنسا صوتت مع الفلسطينيين في الاونه الاخيره لذا تم معاقبتها
لا يفهمون الا هذه اللغه