مصير الجماهير العربية بيدها، بقلم: ناضل حسنين
دنت لحظة الحقيقة حتى اصبحت تقاس بالساعات. انها لحظة لا تحتمل التخاذل ولا تطيق المواقف الرمادية او الهرب من المسؤولية والتستر خلف اوهام “اللاءات” دون طرح بديل لها.
كلمتي عن الانتخابات البرلمانية في البلاد، وهي الانتخابات التي نخوضها لأول مرة في قائمة واحدة موحدة ووحيدة، بعد ان اقتنعنا بأن مصيرنا واحد واننا نتعرض لذات التمييز ونعاني ذات العنصرية ونرزح تحت ذات الاضطهاد القومي والمدني. لأول مرة قررنا ان نرد عليهم بذات اللغة وبنفس المفردات وبالأداة اياها. ألا يتعاملون معنا على اننا “الآخرون” ولا يهمهم من يمثلنا في الكنيست، أكانت الموحدة ام التجمع ام الجبهة؟ هؤلاء “الآخرون” قرروا امساك الثور من قرنيه وخوض الانتخابات بعد ايام بصوت موحد: “وحدتنا قوتنا”.
ادمنا مع السنين الشكوى والتذمر ليلا ونهارا جراء التعسف والظلم واستباحة الحقوق. كنا خلال هذه السنين نقف حائرين لا حول ولا قوة لنا لتغيير واقعنا، فنلطم احيانا ونردح احيانا ونتوعد احيانا بقوة لم نكن نملكها. سنوات اصبحنا خلالها مصبا لتفاهات ليبرمان وامثاله.
الآن كل شيء تغير، كل شيء تبدل واصبحنا قوة بوسعها ان تلاطم “مخرز” السلطة بكل ثقة، قوة لا يمكن التغاضي عنها او الاستهتار بها. لقد حانت فرصتنا فعاد الدم ينبض في العروق. اتحدنا فانتفخت في الحال الرئتان واجتمعنا فاندفع الصدر واستقام العنق اعتزازا بإنجاز لطالما كان مطلبا جماهيريا.
وسط هذه البهجة والحماسة، تعالت اصوات تردد شعارات تبدو وكأنها تدعو الى الافضل، بينما هي على الاغلب “حردنات” تجمدت في فقاعة “الانا”. في هذه الاوقات التي اعتبرها مصيرية، لا بد ان يظهر ذاك المخالف الذي لا يفوت فرصة للتذكير بوجوده، فيعلنها مقشرة بلا دبلوماسية: “انا اقاطع الانتخابات”!…. له يا ابو فلان!!!!
بدلا من ان يقف ويزمجر ويضرب الارض بقدميه منتصبا معتزا بعودة صولجان القرار اليه، وبدلا من ان يقبض على هذه الفرصة بعد تحينها سنوات طويلة والدفع بها لتتدحرج قوة جبارة تهدم الافكار المسبقة عن العرب في هذه البلاد، بدلا عن هذا كله… يستدير ابو فلان الى الجانب الآخر ويواصل الشخير.
يوم يسألونه عن رأيه يجيبهم بأن لا رأي له. يا له من موقف! يندب حظه سنوات طوال ويحاول اسماع صوته لمن في اذنيه صمم، وعندما يصل الميكرفون الى يديه ليصرخ بوجه الظالم، يصمت ابو فلان كصمت الخراف في طريقها الى المسلخ. وما اسهل المسوغات: “التصويت يمنح الشرعية للكنيست الصهيوني … نضالنا لا يمر عبر الكنيست … قاطعوهم لتفضحوهم”!
ان المذاق الديمقراطي الوحيد الذي يناله المواطن العربي في هذه البلاد هو الادلاء بصوته في يوم الانتخابات، وهذا هو الجانب الوحيد الذي لا تميز عنصري فيه، لكل مواطن صوت بغض النظر عن القومية او العرق او الجنس او المكانة الاجتماعية. انها الجرعة الوحيدة من الديمقراطية التي لا يمكنهم ان يحرموننا اياها (على الاقل حاليا)، ولكن بعضنا يسابق ظلم الآخر لنا، فيرفس هذا الحق بدوافع مازوشية او من باب استكثارها على نفسه.
مقاطعة الانتخابات تعني ان لا رأي لنا، واننا غير قادرين على اختيار دربنا، واننا ننتظر من هم أوعى منا ليديروا شؤوننا بدلا عنا واننا استهلاكيون لا نسهم حتى في اختيار صناع القرار الذين ينوبون عنا ونحبذ الجلوس على حافة الحياة السياسية، ولا نجيد سوى التباكي.
في هذا اليوم لا يمكننا التلاعب بمصيرنا ومصير الاجيال القادمة والتخلي عن مسؤولية اتخاذ القرار والوقوف جانبا كمن لا يعنيهم الامر. مقاطعة الانتخابات ليست موقفا سياسيا، ومن يعتقد هذا فهو خاطئ تمكنوا من دس هذا الفكر الى دماغه بالتحايل، إذ ان المقاطعة عبارة عن اعلان اللاموقف. فهل سنرضى بحال العروس التي: “خطبوها تكبرت… تركوها فندمت”.
أما من لا يرى في هذه الانتخابات جديدا يميزها عن انتخابات برلمانية سابقة، وان القائمة المشتركة وإن حصلت على 15 مقعدا في الكنيست فلن نحصل نحن العرب في هذه البلاد، على قطعة من “الكعكة” طالما بقينا خارج الحكومة، أذكر هؤلاء الاخوة بأن مطالبنا المدنية تطرح وتحل في غالبيتها على طاولات اللجان البرلمانية وليس على طاولة الحكومة. وفي حال حصلت القائمة العربية المشتركة على ما يكفي من المقاعد البرلمانية، فهي ستكون في حال يسمح لها بأن تتولى لجنة او اثنتين من اللجان الهامة في الكنيست مثل لجنة الداخلية او لجنة الاقتصاد او حتى لجنة المعارف على سبيل المثال. وعندها سيحس كل مواطن عربي في هذه البلاد بمردود هذه الوحدة وذلك لأول مرة منذ 67 عاما مضت.
مصيرنا بيدنا، فإما ان نتخلى عنه لعبث العنصريين، لأننا لا نتقن سوى دور الباكين المتذمرين العاجزين، ولا لوم في هذا لأحد على احد.. وإما ان نمسك بهذا المصير بقوة وندفعه الى الاعلى، ليطفو فوق سطح الماء لنتمكن نحن من التنفس برئتينا لأول مرة.
لكن يا استاذ يجب فصل بين مسطلح وحدة وشراكة لانه يفرق بالكثير
مقال عقلاني يوافق الواقع كل الأحترام استاذ ناضل