بدر عبد الرازق: معاناة الاسير ومعاناة اهله معاناة واحدة لا لشيء الا للشعب الفلسطيني
ابن مدينة الطيبة بدر عبد الرازق عبد القادر، الذي قضى في السجون الاسرائيلية مدة 10 سنوات (من العام 2002 وحتى 2012) بعدة ادانته بعدة تهم امنية، يتحدث لموقع “الطيبة نت” عن تجربته النضالية، وعن معاناته في السجون، بمناسبة يوم الاسير الفلسطيني.
ترعرع في بيت وطني من الدرجة الاولى، بحكم ان جده عارف عبد الرازق، كان من ابرز القادة الذين وقفوا على رأس الثورة الفلسطينية الكبرى التي تشأت ضد الانتداب البريطاني بين الاعوام 1936-1939، وبحكم ان عمه فيصل كان من ابرز القيادات الشعبية التي ناهضت الحكم العسكري في سنواته الاولى، ولربما ان هذا أثر عليه.
في يوم الاسير الفلسطيني، التقينا بالسجين الامني، ابن مدينة الطيبة بدر عبد الرازق عبد القادر، الذي قضى في السجون الاسرائيلية مدة 10 سنوات (من العام 2002 وحتى 2012) بعدة ادانته بعدة تهم امنية وهي: تصنيع عبوات ناسفة، وضع عبوة في طريق دورية للجيش قرب الطيبة (العملية فشلت).
وقال بدر عبد الرزاق في حديثه لمراسلنا:” في الحقيقة في هذا اليوم استذكر معاناة الاسرى داخل السجون، ومعاناتي معهم في تلك الحقبة، استذكر البعد عن الاهل، والحرمان من الوطن، استذكر التنكيل والاضرابات التي كنا نخوضها احتجاجا على سوء وضعنا، استذكر معاناة الاسرى النفسية والمعنوية، وايضا استذكر في هذا اليوم ذكرياتي الشخصية التي جمعتني مع الابطال الذين عشت معهم فترة طويلة من عمري وتعرفت عليهم داخل السجن”.
” معاناة الاسير واهله مقدمة للشعب الفلسطيني”
وأضاف:” في هذا اليوم يجول في خاطري العديد من الامور منها ايضا تقصير مجتمعنا تجاه اهالي الاسرى، وهنا اسمح لي ان اوجه رسالة تحية واكبار الى اهالي جميع اسرى شعبنا الفلسطيني وخصوصا في الداخل، صحيح ان الاسير يعاني خلف القضبان لكن معاناة اهله ايضا كبيرة، معاناة الاسير ومعاناة اهله هي معاناة واحدة ليس لشيء الا للشعب الفلسطيني”.
وعن مكانة الاسير من وجهة نظره قال:” الاسرى برأيي هم الشهداء الاحياء، الشهيد ضحى بحياته فمات، والاسير ايضا ضحى في حياته لكنه حي، كل هذا من اجل يعيش شعبهم بكرامة وحرية، فالاسير قبل ان يأسر يعلم جيدا ويدرك تماما ان عمله سيكون له نتيجتين حتمييتين في النهاية، اما الاسر واما الشهادة، ولكنه يصر على فعل هذا الامر فداء لشعبه وامته، ولذلك فانه يستحق منا كل الوفاء، لأنهم رجال في زمن عز فيه الرجال”.
وقال ايضا:” استذكر ايضا تضحيات الحركة الاسيرة، وهي ما يقارب الـ300 شهيد داخل السجون، والآلاف من الشهداء خارج السجون، ممن اغتالهم الاحتلال بعد اطلاق سراحهم او حتى ممن قضوا نتيجة للامراض المزمنة التي اصيبوا بها داخل السجون، مثل هذه الامور من الخطير جدا ان نفرط بها والا نستذكرها، يوم الاسير من اهم الايام التي يجب على المجتمع الفلسطيني احيائها وكلنا امل ان نحتفل سويا بهذا اليوم مع جميع الاسرى وهم خارج السجن”.
” اصعب يوم مر علي في السجن هو يوم وفاة والدي”
وعن معاناته الشخصية في السجن قال:” معاناتي لا تختلف عن معاناة زملائي في السجن، لكن اصعب يوم مر علي في السجن هو يوم وفاة والدي العزيز، حيث شعرت بغصة كبيرة وحزنت حزنا شديدا بالرغم من مواساة الاسرى لي، خصوصا وان السلطات الاسرائيلية لم توافق على طلب اهلي وطاقم المحامين بدعوى السماح لي لتوديعه وهو على فراش الموت او حتى المشاركة بجنازته، وهذا امر صعب جدا”.
وعما استفاده داخل السجن قال:” هناك من يدخل السجن ويخرج منه بدون اي تغيير على تصرفاته، في الحقيقة انا استفدت الكثير داخل السجن، لأن السجن بالفعل يمكن اعتباره جامعة من العلوم، في تلك الفترة استغليت تلقي العلوم من الجامعة المفتوحة ودرست بها، لكنني تعلمت وجمعت ثقافة اكبر بدون الجامعة المفتوحة، على كل الاصعدة”.
وأردف قائلا:” كان لي معلومات اساسية في السياسة والتاريخ لكن في الاسر زادت هذه المعلومات، كنت ملتزم دينيا قبل الاسر لكن التزامي تضاعف في السجن، بالنسبة للقضية الفلسطينية كان لدي معلومات سطحية ومحدودة، واحمد الله انني تعرفت على شخصيات في السجن والتي فتحت امامي المجال ليكون لي تجربة غنية وخبرة في هذا الامر”.
” في سنوات الثمانينات كان اكثر اسرى الداخل من الطيبة… اليوم يوجد اسيرين من الطيبة فقط”
وعن الفرق بين الطيبة في العام 2002 والعام 2012 قال:” الطيبة تغيرت كثيرا، عندما خرجت من السجن تفاجئت من التغييرات الحاصلة في الطيبة، ولكن للاسف الشديد تغيرت للاسوأ، هناك الكثير من الامور التي كانت في العام 2002 شبه مفروغ منها، لكن اليوم ينظرون اليها كأنها غريبة، انا حزين على الطيبة، ولكنها تبقى بلدي واحبها جدا وحريص على مصلحتها”.
ووأكد قائلا:” اكثر ما تغير في الطيبة هو اختفاء تلك الروح الثورية والوطنية التي تميز بها اهل الطيبة منذ فترة الانتداب وحتى الانتفاضة الاولى، فانني اذكر في الانتفاضة الاولى كان اكثر الاسرى من الداخل من الطيبة، اليوم لا يوجد سوى اثنين على ما اعتقد، وهذا تطور خطير، الطيبة قدمت الكثير من الابطال والمناضلين ولكنها اليوم تواجه حالة ترهل لا مثيل لها”.
واختتم بدر عبد الرازق حديثه قائلا:” الطيبة تحتاج الكثير لتستعيد قواها، ولكنها تبقى طيبة بني صعب الطيب اهلها”.