سياسة الهدم والتهويد تتجدد بشكل متسارع لتعيد النكبه من جديد
“لو عدتم الى الماضي لعلمتم أهمية العيش في أرض الأجداد، والشرب من مائهم والجلوس على مائدتهم والنوم في أحضانهم، كلها أشياء تجبركم على أن تمتلكوها، لطالما تزينت خارطة بلادنا العربية بلآلئ صنعها الأجداد وارتدت تاج السمو والكرامة، ولطالما ازدهت بأغانٍ وأناشيد النجاح التي تزأر في الحناجر، اهتز له العالم، فأدرك حينها أهمية هذا الصوت الجماهيري، ولكن الامر العجيب أنه لم يصلنا ولم نسمع به إلا من أفواه الآباء ولم نر تلك الصورة حقيقة بل رسمناها في مخيلتنا فحسب”.
التقرير من اعداد : سميرة حاج يحيى ود. نهاية حبيب، ضمن دورة الاعلام والحكم المحلي في مركز انجاز
لا زالت الحكومه الإسرائيلية تصعد من سياستها بتنفيذ مخططاتها ضد المواطنين العرب، من مخططات للتطهير العرقي التهويد وسن قوانين تصب في يهودية الدولة رغم تغنيها بالديمقراطيه واعتبار السكان العرب جزء منها.
سياسة عنصرية ومخططات متراكمة لها انعكاسات وابعاد اقتصادية، اجتماعية، حضارية ونفسية تتصاعد لنزع الحق الاساسي والمشروع بحياة المواطنين العرب بالمسكن والماوى والامن والامان في الوقت الذي تقيم بؤر استيطانية وتواصل بسياسة التضييق والتجهيل، وهكذا تتواصل بشدة معركة الصراع على الكيان الذي بدأ منذ عام 1948 ولم ينته بل استمر وبتصعيد حتى اليوم ولا تزال سياسات المصادرة تطارد المواطنين العرب، ومخططات مختلفة تحاول الخنق والتضييق على تطور مستقبل المواطنين العرب، والهجمه الشرسة في اصدار اوامر بالهدم للقرى غير المعترف بها وتهويدها وتطهيرها عرقيا والتهام الاراضي التي تبررها السلطات بادعاءات عدم وجود ترخيص قانوني ولتطوير مشاريع قطرية بطرق واساليب ملتوية تهدف الى خدمة اطماع الاستيطان وللتهويد كما يحدث في النقب الجليل والمثلث.
في الفترة السابقة، تم مؤخرا، وخلال اسبوع واحد تنفيذ اوامر هدم ضد 17 منزلا، في كفر كنا في دهمش في اللد وفي النقب، الامر الذي زاد من حدة قلق الجماهير العربية ان السياسة العنصرية التي تنتهجها الحكومه التي تتجسد في معاناة الشعب العربي منذ احتلال الارض الفلسطينية وحتى اليوم وتنفيذ هدم المنازل العربية، وتضييق الحيز والمصادرة لمساحات كبيرة ، وتأخير في المصادقة على الخرائط الهيكلية، عدم الاعتراف بقرى عربيه واراضٍ بملكية خاصة، ولا تقتصر هذه سياسة التمييز الصهيونية بين اليهود والعرب فحسب، بل تتميز بين العرب أنفسهم من خلال منح المواطنين الدروز والبدو قطع أراض مناسبة للبناء بغية تشجيعهم على الخدمة العسكرية.
ويعد هدم المنازل للفلسطينيين بالداخل انتهاكا صارخا ومساسا بحقوقهم الأساسية المشروعة الحق في العيش والمأوى حتى انه يتنافى مع القوانين الدستورية في إسرائيل نفسها.
وفي خضم هذه المشاهد المأساوية ورفض اللجان منح التراخيص منذ عشرات الاعوام ،الأمر الذي اضطر بالمواطن البناء للتوسع في ظل الأزمة السكنية الخانقة وعائلات مباركة الاولاد وازواج شابة من السكن والبناء من دون ترخيص والنتيجة أبشع أنواع العقوبات تحت غطاء القانون منها غرامة مادية باهظة بلغت مئات الاف الشواقل ، وهدم المبنى وتغريم صاحبه وإلزامه بدفع رسوم الهدم التي تصل إلى مائة ألف دولار، وقد تصل تلك العقوبات إلى السجن الفعلي في حالات معينة، ناهيك عن الحرب النفسيه التي تشنها السلطات على اصحاب المنازل.
كما وتماطل لجان التنظيم والبناء على المصادقة على الخرائط الهيكلية للبلدات العربية والعالقة منذ عشرات الأعوام، وتمتنع عن توسيع مسطحات نفوذ القرى والمدن العربية التي تعيش أزمة سكنية وشح في أراض البناء، فان اكثر من المعطى 75% من بين الـ60 ألف منزل مهدد بالهدم في منطقة المثلث الأكثر كثافة سكانية عربية، وتحديدا في المثلث الجنوبي الطيبة وقلنسوة ودهمش.
تعيش هذه العائلات حياة مأساوية على النطاق الاجتماعي والاقتصادي في منطقة الطيبة الغربية قلنسوة تعكس تلك السياسه السلطويه، في المنطقه الغربية للطيبة حيث يسكن عشرات من العائلات مباركة الاولاد واراضيهم بملكيتهم الخاصه ، وهذا بند في الخارطة الهيكلية ما يعني منح الطابع القانوني لكل ما يصادق عليه في الخارطة، الامر الذي يعتبر في غاية الصعوبة تغييره او تبديله او حتى تعديله فمعنى ذلك بتوضيح اكبر ان هذا كان مخططاً لتحويل الاراضي الزراعية الكائنة غربي شارع 6 عابر اسرائيل، الى منطقة وادي (אזור נחל)، وفق الخارطة المقترحة منذ تولي اللجنة المعينة بلدية الطيبة، مهامها وهي المسؤولة المباشرة للجنة التخطيط والبناء، وتم تقديم الاعتراضات وفق التاريخ المحدد الا ان الاعوام التي مضت لم تغير ولم تبدل شيئا، وبدلا من ان تبقى هذه الاراضي ضمن الخارطة الهيكلية كاراضٍ احتياطية تؤمن توسع مسطح البناء لاهالي الطيبة وقلنسوة بقيت ضمن المخطط في غاية الخطورة وهي تحمل في طياتها التخطيط السلطوي الواضح للعمل على تضييق بل وتطويق مساحة الطيبة وحولت الاراضي من زراعية الى منطقة واد محيطة وهذه المنطقه فعليا منطقة واد ومحيطة هددت عشرات المنازل بالهدم والتهام مئات الدونمات لمشاريع مثل مد خط لشركة “مكوروت” من غربي الطيبة الى شرقها، ومصادرة الابار وتشميع آبار البلدة، هذا بالاضافة الى مد خط لسكة الحديد وخط الغاز شرقي عابر اسرائيل، وهذه كلها واضحة لمصادرة اراضي الطيبة وتضييق الخناق وتشريد اهالي وسكان قلنسوة والطيبة بعد تنفيذ اوامر الهدم ضد اكثر من 50 منزلا في المنطقة الغربية، هذا من الجهة الغربيه، اما من الجهة الشمالية ما بين الطيبة وقلنسوة اي على حدود طولكرم فرعون ،حيث مئات المنازل الواقعه في المنطقه الشمالية واصحاب المنازل اراضيهم بملكيتهم الخاصه، ارض ابائهم واجدادهم ، ففي أواخر الثمانينات ظهرت مشكلة ادعاء أن تلك البيوت المبنية داخل حدود نفوذ (يهودا والسامرة) كما الادعاء لا تتبع لحدود نفوذ الطيبة، فقام مساحون من بلدية الطيبة بقياس الحد الفاصل بين الطيبة وخارجها للتأكد من صحة الادعاء، وتبين ان جميع هذه البيوت واقعة في حدود نفوذ بلدية الطيبة حسب الخارطة رقم 1111 (خارطة منطقة فرديسيا) . وتم ترخيص البيوت من قبل البلدية بناء على قياس هذه الحدود، وبعد مرور عشرات الاعوام ظهرت المشكلة مجددا، قضية الادعاء. لا زالت التخوفات والشكوك لدى الجميع قائمة وخاصة ان ذلك يتزامن مع الخارطة الهيكلية الجديدة للطيبة، والتي لا تفي بمصالحها، وان صودقت نهائيا،فان 9500 دونم سيكون مهددا بالمصادرة بحجة التحريش في أراضٍ ذات ملكية خاصة لأهالي الطيبة، واصبحت هذه المنطقه مستهدفه و مهدده بين عشية وضحاها.
وهناك نقطة اخرى لا تقل اهمية عن سابقتها، ولا تقل خطورة عنها وهي تطوير ما يسمى بمنتزه السلام (פרק השלום) شمالي الطيبة وشرقي مستوطنة שער אפריים، الذي سيكون تطوره على حساب تطور المنطقة الصناعية جنوبي البلده، فبدلا من تطويرها لتشجيع المبادرين والمستثمرين فيها، فان المخطط من خلال الخارطة الهيكلية المقترحة يهدف الى اغلاق المنطقة الصناعية جنوبي الطيبه لتوفير الراحه وتوسيع مستوطنة تسور يتسحاق المجاورة التي اقيمت على حساب اراضي اهالي الطيبه، ناهيك على ان مساحة الأراضي الواقعة ما بين شارع 444 وشارع عابر اسرائيل- شارع رقم 6 والتي ادخلت الى مسطح البناء لا تكفي ولا تفي بمتطلبات الطيبه وتوسعها حتى عام 2020 ،وحسب قرار جلسة اللجنة اللوائية في الرملة بتاريخ 06-04-10 ، البند الثاني من القرار فان شارع عابر اسرائيل سيكون الفاصل ما بين منطقة التطوير البلدي ومسطح البناء وبين منطقة الوادي أي الأراضي الزراعيه الواقعة غربي شارع رقم 6 ، وهذا هو التضييق بعينه ورغم الاعتراضات للسكان تم ايداع الخارطة الهيكلية مؤخرا ولم يتبق زمنا كافيا لتقديم الاعتراضات، حيث توانت بلدية الطيبة في النظر لاعتراضات السكان ، كما في قلنسوة وفي الطيرة وفي زيمر ووفي كل المثلث الجنوبي الاف الدونمات مهددة بالمصادرة تحت بنود خرائط هيكلية لا تفي باحتياجات السكان ولا التصور المستقبلي، ففي مدينة الطيرة فرضت الخارطة القطرية على تحويل 2500 دونم من اراضيها شرقا الى منطقة خضراء وقدمت البلدية اعتراضا والتماسا للعليا لاعادتها ما يعني التهامها، في الوقت الذي اعلنت فيه الحكومه تجديد المخطط لبناء مستوطنة ما بين تسور يتسحاق وكوخاف يئير اقامة 3500 وحده سكنيه للمستوطنين، وعلى هذا اعترض السكان اليهود بادعاء ان هذا سيضر بمنطقة خضراء ويلغي المناخ القروي ويؤدي لعرقلة في السير والنقل، وتعاملت بازدواجية في نفس الوقت تخطط لضم اراضي من نفوذ “دروم هشارن” للمستوطنة وكل الاراضي في المنطقة تتبع لـ”دروم هشارون” لاهالي الطيبة والطيرة، اي ستقيم الدولة مستوطنة جديده على حساب اراضي الطيبة والطيرة، وعينت لجنة لترسيم الحدود من قبل وزارة الداخلية لتعمل على ضم الاراضي لتلك المستوطنة الجديدة.
من جانبه مخطط المدن المختص المهندس عروه سويطات تطرق الى المشاكل الحارقة التي يواجهها المواطنون العرب ،وأن السلطات المحلية العربية مقيدة وتفتقر الى خارطة هيكلية مصادق ، واقصاء في اتخاذ القرار للمجتمع العربي بعدة مستويات، بالتمثيل غير اللائق وغياب كامل في لجان التخطيط ومستوى مشاركة الجمهور لتعمل وفق احتياجات السكان، فهنالك 80 بلدة عربية لا تملك السيطرة على لجان التنظيم باستثناء 5 بلدات الناصرة، الطيرة، الطيبة رهط، وكفر قاسم، عدم وجود مدارس ثقافية ومشاكل دون حلول وسياسات تغذي المشاكل مثل قانون ضمان الدخل ومعضلات متناقضة، وأكد على دور الاعتبارات الاجتماعية في التخطيط، وضرورة توفير عرض للواقع التخطيطي والاجتماعي والقانوني الذي تمارس في ظله أغلب مخالفات قوانين التخطيط والبناء في البلدات العربية.