القدس بين عدوان إسرائيل وزيارة القرضاوي بقلم: وسام زغبر
هجمة إسرائيلية شرسة تتعرض لها مدينة القدس المحتلة لب الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين ولكنها الأكثر شراسة منذ احتلالها في الرابع من حزيران 1967. فالكيان الإسرائيلي يتغول في المدينة المقدسة ويستبيح مقدساتها مرة تلو الأخرى دون أي تحرك فلسطيني أو عربي ودولي سوى سيل من الإدانات والمطالبات بإنقاذ مدينة القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
فإسرائيل تستغل استمرار الصمت الفلسطيني المنغمس في انقسامه العبثي والبحث عن السلطة والمصالح الذاتية دون الاكتراث على ما يحصل في فلسطين عامةً ومدينة القدس على وجه الخصوص من تهويد ومصادرة وعزل وقتل وتشريد وعراقيل تضعها سلطات الاحتلال الاسرائيلي. كما وتستغل انغماس العرب والمسلمين في قضايا ثانوية على حساب فلسطين ومقدساتها.
فعجلة التاريخ تذكرنا بتقصير العرب والمسلمين بفلسطين والقدس على مر التاريخ، ففي 21 اغسطس/ آب عام 1969 أي بعد احتلال القدس بعامين تم احراق الجناح الشرقي من المسجد الأقصى ومنبر صلاح الدين على يد المتطرف الإسرائيلي مايكل دينس روهن الذي أدعى الاحتلال الاسرائيلي حينها انه معتوه، وكان الرد على جريمة حرق الأقصى بانشاء منظمة المؤتمر الإسلامي وعقد أول مؤتمر قمة اسلامي في المغرب. ولكن التاريخ يعيد ذاته فتصريحات غولدا مائير رئيسة وزراء حكومة الاحتلال بعد حرق المسجد الأقصى ومنبر صلاح الدين، والتي قالت فيها، “لم انم طوال الليل كنت خائفة من أن يدخل العرب اسرائيل افواجا من كل مكان، ولكن عندما اشرقت شمس اليوم التالي أعصابي ارتاحت عندما وجدت العرب لا يتقنون إلا الشجب والاستنكار وعلمت ان باستطاعتنا ان نفعل اي شيء نريده”.
فلم يعد غريباً على العرب والمسلمين أنفسهم اعتداءات الاحتلال الاسرائيلي على المقدسات الاسلامية والمسيحية، فقبل أيام حاصرت قوات الجيش الاسرائيلي كنيسة القيامة بالقدس في سبت النور وعيد الفصح ووضعت العراقيل امام وصول المسيحيين إلى الكنيسة لإقامة شعائرهم، وكذلك الحال خلال الأسبوع الجاري في منع المصلين المسلمين من الوصول الى المسجد الأقصى للصلاة واغلاقه واستباحته من قبل المستوطنين واقتحامه من باب المغاربة بحماية شرطة الاحتلال لأداء صلوات تلمودية في ذكرى احتلال القدس الـ46 او حسب ما يسمون “توحيد القدس” ، بل وادهى من ذلك مداهمة منزل مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين واعتقاله، كذلك اعتقال مصطفى أبو زهرة رئيس لجنة رعاية المقابر الإسلامية في القدس، كما فعلت قبل ذلك باعتقال الشيخ رائد صلاح ومنعه من الوصول الى القدس ومنع طالبات العلم من الدخول للأقصى.
فبالأمس القريب لم يتوحد المسلمون، في زيارة القدس لغير الفلسطينيين بل وضعوا الفتاوى في تحريم الزيارة تحت ادعاء ان القدس تقبع تحت الاحتلال ولا يجوز للمسلم ان يأخذ تصريح للزيارة من الاسرائيلي المحتل للأرض، فيما تغرق عدد من الدول العربية في فتح السفارات والممثليات والمكاتب التجارية مع كيان الاحتلال وعلى رأسها دولة قطر التي ترسم فيها خطط الفوضى والتنازلات في دول العالم العربي وتصدر الفتاوى وتساق آلتها الإعلامية لخدمة الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها إسرائيل.
فكل ما يجري في فلسطين والقدس ومقدساتها اليوم يتزامن مع زيارة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برفقة أكثر من 50 عالماً إسلامياً إلى قطاع غزة، في زيارة وصفتها حركة حماس بالهامة وعارضتها بعض الفصائل الفلسطينية باعتبار القرضاوي شخصية مثيرة للجدل لتدخله السافر في ما يجري في عديد الدول العربية والتحريض واصدار الفتاوى لاستباحة البلدان العربية والاسلامية على يد الاستعمار الاجنبي.
والمستغرب ايضاً دعوات القرضاوي للجهاد في سوريا كما كان قبلها في ليبيا وفتاويه المثيرة للجدل اثناء الانتخابات المصرية، وعدم ادانة العدوان الاسرائيلي على سوريا، بينما لم نسمع أي من الدعوات والفتاوى في ما يجري في فلسطين وما تتعرض له المقدسات الاسلامية والمسيحية، أليس فلسطين أحق في الجهاد ضد الاحتلال الاسرائيلي التي تُدنس مقدساتها ويُقتل أبنائها ويُأسرون على يد إسرائيل.
لم نسمع فتوى علماء المسلمين ومن الشيخ القرضاوي على وجه الخصوص عن موقف وفد الجامعة العربية في واشنطن وقبوله بالتنازل عن فلسطين لصالح الاحتلال فيما يعرف بتبادل الأراضي وتشريع الاستيطان وتهويد القدس والقتل والعدوان على فلسطين، بينما تتعالى الأصوات في غزة ترحيباً بالقرضاوي.