سقف النضال يعلو بخيار المقاطعة- بقلم: أصيل جبالي
التصويت في انتخابات الكنيست خيار سياسي، بينما المقاطعة الخيار الاخر، والفرق بينهما يكمن بأن سقف النضال يعلو بخيار المقاطعة، وهو الخيار المطروح لتوسيع اساليب النضال الشعبي المختلف عن الخطابات والشعارات، داخل مبنى الكنيست الصهيوني.
الكنيست هو ممثل من اعلى الهيئات التي تمثل دولة الكيان الغاصب، كما انه اداة لقمع الشعب، لسن قوانين عنصرية، أداة لمصادرة الاراضي وللهدم والتهجير، كل القرارات او القوانين التي مست بأبناء شعبنا شُرعت داخل الكنيست.
لذلك فأن النضال الحقيقي لا يبدأ من داخله، ولا بأي شكل من الاشكال.
وجود الممثلين العرب في الكنيست لم يكن ولن يكون بسبب حاجتهم لها بالمستوى الذي تحتاجه هذه المؤسسة العنصرية لهم، حتى تبث للعالم عبر خارجيتها انها الدولة الديمقراطية التي تعطي العرب تمثيلا في برلمانها ولتغض الطرف امام الساحة الدولية عن الممارسات والجرائم التي ترتكبها.
حرية الكلمة لا تعطى، وهي ليست كسرة الخبز التي تعطى لنا من رغيف حقنا الكامل، بالعيش الكريم وبالحصول على حقوقنا المسلوبة، لهذا نرى احرار الكلمة والاحرار بشكل عام مقموعين داخل السجون او شهداء او في اي مكان اخر غير الكنيست الإسرائيلي.
ولا يخفى على كل ذي عين باصرة ان تسجيل اي حزب في هذا البرلمان لخوض الانتخابات يسبقه بروتوكولات عديدة كالتوقيع على بعض البنود منها، ان من يمس بشكل واضح او مبطن بيهودية الدولة غير مسموح له المشاركة بالانتخابات، كذلك فكل عضو في هذا البرلمان عليه اقسام قسم الولاء لهذه “الدولة”.
ولما لا والكنيست سميت على اسس دينية تنبع من تسمية اسرائيل نفسها بدولة اليهود. سمي بالكنيست نسبة الى الحاخامين الوارد في الميشناة.
لعبة الكنيست هي لعبة مجبولة بقوانين تنافي ابسط الأسس الديمقراطية مثل رفع نسبة الحسم او الاشتراط السابق بالأغلبية اليهودية. ديمقراطية هذا الكيان ليست سوى شكلية، مثل الانتخابات وصناديق الاقتراع…
اين حقوق الاقليات، التسامح، الكرامة، اين التعددية؟، اما ما يتعرض له ابناء شعبنا من قمع و ممارسات ممنهجة تسلبه حريته وتضيق عليه سبل العيش الكريم، يتنافى ويتجافى مع كل اسس الديمقراطية التي يقول بها هذا الكيان.
يستعمل اولئك المرشحين ادوات كبيرة لتخويف الشارع من مخاطر عدم المشاركة والادلاء بالصوت، بأنه سيحسب لليمين المتطرف، لكن في حقيقة الامر ان الصوت فقط لن يذهب لهم هم.
لسنا بحاجة لخطابات وأصوات دهماء وغوغائية، بل واستعراضية تتعالى بين الفينة والاخرى داخل مبنى البرلمان الاسرائيلي…
اصواتنا تصدح للعالم عاليا من الشوارع، ومن على المنصات، وفي كل المجالات من الطب الى الموسيقى…
لن نخسر اي شيء اذا اخترنا المقاطعة في الانتخابات القادمة، لا على المستوى الفردي ولا الجماعي. والمقاطعة كانت وستكون خيار الاحرار ذوي النضال الحقيقي الذين يرفضون هذا النظام السياسي جملة وتفصيلا، يرفضون النظام الذي يقوم على احتجازنا في علاقة مستعمِر ومستعمَر, علاقة سيد ومسود.
المقاطعة صوتنا وكلمتنا التي تعبر عنا كفلسطينيين ” فلنتحد ونناضل لانتزاع حقوقنا الفردية والجماعية بقوة الجماهير الصامدة المناضلة.” هذا هو نتاج ما يزيد عن 70 عاماً تعلمه ابناء شعبنا تحت قوانين القمع والممارسات التي لم تؤخرها الحركات العربية في الكنيست. هذا ما علينا فعله لمناهضة هذا النظام الفاسد الذي يفرق بين طفل واخر بناءً على هويته.
وأرى الحل المطروح على رجال الكنيست هو بإمعان النظر في اساليب وطرق النضال، واعتزال العمل السياسي بالكنيست والنزول للشارع الذي طالما قرر كلمة شعبنا الصامد بأرضه وفوق ترابه، بإعادة توجيه بوصلة النضال الشعبي لتتجه الى فلسطين، وبناء المؤسسات النضالية والكفاحية لضمان حقوقنا ومستقبلنا.
وبالختام اؤكد بأن حقوقنا التي اخذت بالقوة لا تسترد بشعارات وصرخات في الكنيست، واقول اننا لن نكون الوجه الجميل الديمقراطي لدولة تستند وتمارس ابشع الممارسات والانتهاكات تجاه شعبنا، والمقاطعة هي مطلب الشارع ولن يسمح الاحرار من شعبنا للمال السياسي ولشعارات التخويف والترهيب من المقاطعة، الشعارات المبنية على تطلعات ومصالح حزبية ضيقة، بأن تصنع قراره او تؤثر على قوته في اختياره الأدوات لتحقيق و تحديد مصيره.