لن أقتلك ، إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِين !. الرسالة السادسة – بقلم أبو عكرمة الطيباوي
“العلاج الرباني للقضاء على الجرائم الفتاكة ” !. تهتز الجبال الشامخات العاتية خوفا وخشية ، عندما تستمع لهذه الصرخات الإيمانية الراقية، الصادرة من هابيل ابن آدم، فرغم قوته الهائلة الا انه امتنع عن قتل اخيه قابيل الذي هدده بالقتل .
وهي دلائل واضحة على رزانة عقله وحكمته، وخوفه وخشيته بداية وأولا من الله تعالى. فما أحوج أن تتكاتف وتتعاون كافة مؤسساتنا، وفي مقدمتها بيوتنا ومساجدنا ومدارسنا وبلدياتنا وجهاز التربية والتعليم والرياضة والإعلام ، لتذويت بنفوس وقلوب وعقلية أبناءنا مقولة:” لن أقتلك إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ! “.
فمنذ فترة زمنية طويلة والدول الكبرى الراقية تسخر الأموال الطائلة لعلماء التربية والجريمة، ليضعوا الخطط والاساليب الناجعة للقضاء على الجرائم الفتاكة و… لكنهم فشلوا ولم يهتدوا للوسائل الناجعة ، فنرى ونشهد أن الجرائم تزداد كثرة وعنفا…لأن العلاج الوحيد موجود بتطبيق كتاب الله تعالى ، وسنة حبيبة نبينا الكريم .
والخوف من الله تعالى ليس دعوة مزاجية لتزكية النفس وإنما تظهر سمات وعلامات واضحة على شخصية الخائف من الله ، في أخلاقه وسلوكياته وتصرفاته ومعاملاته : قلبه خاشعا وجلا ، ووجهه يبرق كأنه نور ، ولسانه رطبا بذكر الله ، وعينيه تدمعان خشية من الله تعالى ، واذنيه تصغيان للحق، ويديه تمتد لفعل الصالحات، ورجليه تسعى لبيوت الله ومجالس العلم والذكر .
ان المسلم الذي يخاف الله تعالى، يضع نصب عينيه معية الله تعالى له، ويوقن بأن عذاب الله شديد، فيبتعد عن الّملذات المُحرّمة، والنّزوات والشهوات والشبهات ، فما كان عند العاصي من الآثام محبوباً ، يكون عند الخائف من الله مذّموماً مشؤوماً، لأنه ذوت بقلبه ونفسيته وحياته قول الله تعالى : ( إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ).فاذا دعته نفسه الأمارة بالسوء إلى فعل ما يوجب سخط الله، ذكرته نفسه اللوامة نظر الله تعالى إليه ،فيكون للخوف من الله تعالى آثار في حماية الفرد والمجتمع من الإنحراف الخلقي والإنزلاق والوقوع في الزنا والخيانات الزوجية، والجرائم : كالقتل والعنف والسرقة والرشوة، ولا يأكل أموال الحرام: كالربا والرشوة والغش وبيع الخمور والمخدرات ، ويتذكر الحديث القدسي الذي يرويه النبيّ -صلّى الله عليّه وسلّم ، عن ربّه تبارك وتعالى: “وعزَّتي لا أجمَعُ على عبدي خوفَيْنِ وأمنَيْنِ، إذا خافني في الدُّنيا أمَّنْتُه يومَ القيامةِ، وإذا أمِنَني في الدُّنيا أخَفْتُه يومَ القيامةِ”. الخوف من الله تعالى طريق للأمن والسّعادة في الدّارين: الدنيا والآخرة ، وخير مُعين للانتصار على شهوات النّفس وملذّاتها. والقلب الذي لا يسكنه الخوف من الله عزّ وجلّ، كالبيت الخَرِب. ويؤدي الى انتشار المعاصي والإجرام في حياة الكثير من النّاس ، فاسودّت القلوب وأظلمت.
لأن التّخويف بعظمة الله تعالى ، وسيلة مؤثّرة في إنذار أصحاب المعاصي ، رغبةً في إقامتهم على أمر الله تعالى وطاعته.عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم يقول:” عينان لا تمسهما النار ، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله “. مع خالص حبي وتقديري ودعائي لكم الشيخ أبو عكرمة.