تفسير من وحي القران “حكمة لقمان”
من يكن في الدّنيا ذليلاً وفي الآخرة شريفًا، خير من أن يكون في الدّنيا شريفًا، وفي الآخرة ذليلاً.
ينقل عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: « حقًّا أقول: لم يكن لقمان نبيًّا ».
عن نافع عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: « لم يكن لقمان نبيًّا، ولكن كان عبدًا كثير التّفكّر، حسن اليقين، أحبّ الله فأحبّه، ومنّ عليه بالحكمة، كان نائمًا نصف النّهار، إذ جاءه نداء: يا لقمان! هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض، تحكم بين النّاس بالحقّ؟ فأجاب الصّوت: إن خيّرني ربّي قبلت العافية، ولم أقبل البلاء، وإن عزم علَيَّ فسمعًا وطاعة، فإنّي أعلم أنّه إن فعل بي ذلك أعانني وعصمني. فقالت الملائكة بصوت لا يراهم. لمَ يا لقمان؟ قال: لأنّ الحكم أشدّ المنازل وآكدها، يغشاه الظّلم من كلّ مكان، إن وُقِيَ فبالحريّ أن ينجو، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنّة. ومن يكن في الدّنيا ذليلاً، وفي الآخرة شريفًا، خير من أن يكون في الدّنيا شريفًا، وفي الآخرة ذليلاً. ومن يختر الدّنيا على الآخرة، تفته الدّنيا، ولا يصيب الآخرة. فتعجبّت الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة فأعطي الحكمة، فانتبه يتكلّم بها. ثمّ كان يؤازر داود بحكمته »، فقال له داود (عليه السّلام): طوبى لك يا لقمان أعطيت الحكمة وصرفت عنك البلوى. ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ﴾ معناه. وقلنا له اشكر لله تعالى على ما أعطاك من الحكمة ﴿ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ﴾ أي: من يشكر نعمة الله، ونعمة من أنعم عليه، فإنّه إنّما يشكر لنفسه لأنَّ ثواب شكره عائد عليه، ويستحقّ مزيد النّعمة، والزّيادة [6] .
يقول تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [7] .